الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما، نسأل الله لك الشفاء والعافية، ولا علاج لهذه الوساوس سوى الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وانظر الفتوى رقم: 51601.
واعلم أن نية الوضوء محلها القلب، وأنها تجزئ قبل الشروع في العبادة بزمن يسير، ولا يجب قرنها بأول العبادة، بل من العلماء من يجوز تقدم النية على العبادة بالزمن الكثير ما لم يفسخها، وانظر الفتوى رقم: 132505.
والتسمية في الوضوء سنة، ولا يجب نية كون الفعل سنة أو واجبا بل تجزئك نية الوضوء، ثم تأتي بعد ذلك بأفعاله ولو لم تنو أن هذا سنة وهذا واجب، كما أن أفعال الصلاة لا تجب نية فعل واجباتها بنية الوجوب وسننها بنية الاستحباب. والدلك يجزئ مع صب الماء وبعده، وانظر الفتوى رقم: 274018، مع أن الدلك مستحب أصلا لا واجب، وإذا توضأت لأجل الصلاة جاز لك مس المصحف وغيره من الأفعال التي يشترط لها الوضوء، وإذا نويت الوضوء لرفع الحدث جازت لك الصلاة وغيرها، وقراءة القرآن لا تشترط لها طهارة أصلا، ويجوز لك ما دمت موسوسا الأخذ بأيسر أقوال العلماء رفعا للحرج كما في الفتوى رقم: 181305، فإذا أردت الوضوء فانو بقلبك أنك تتوضأ لرفع الحدث أو لأجل الصلاة، ثم اشرع في غسل أعضاء الوضوء على الفور دون تردد، ولا تزد في غسل العضو الواحد عن ثلاث مرات مهما وسوس لك الشيطان بأن غسلك غير تام، ولا ينتقض وضوؤك بعد فراغك منه وإن خرج وقت الصلاة قبل أن تفرغ منها، لكن عليك أن تبادر بعد وضوئك بالصلاة، ولا تؤخرها إلى أن يخرج الوقت أو إلى قرب خروجه، واشرع في الصلاة دون وسوسة، وتلفظ بالتكبير والقراءة بطريقة عادية، ولا تكرر نطق الحرف بعد فراغك منه مهما وسوس لك الشيطان أنك قرأته بصورة غير صحيحة، وهكذا فافعل مع جميع الوساوس التي تعرض لك، فجاهدها وأعرض عنها ولا تبال بها ولا تعرها اهتماما حتى يذهبها الله عنك بمنه وكرمه.
والله أعلم.