الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا مقدار ما تدرك به صلاة الجماعة في الفتوى رقم: 257722.
وأما إعادتك لصلاة الصبح في مسجد آخر لإدراك فضيلة الجماعة: فهذا مختلف في جوازه بين الفقهاء، فمنهم من منع لأن إعادة الجماعة لإدراك فضيلة الجماعة يعتبر تنفلا، والتنفل بعد صلاة الصبح منهي عنه حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح، والحنابلة وهم يقولون باستحباب إعادة الجماعة قيدوه بمن كان داخل المسجد وأقيمت الصلاة، وأما من كان خارج المسجد فإنه لا يستحب له الدخول ولا تجوز له الإعادة في وقت النهي، قال صاحب كشاف القناع عمن صلى وأراد إعادة الجماعة: وَإِنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ نَهْيٍ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الدُّخُولُ... وَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقْتَ نَهْيٍ بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ انْبَنَى عَلَى فِعْلِ مَا لَهُ سَبَبٌ فِي وَقْتِ النَّهْيِ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا جَزَمَ بِهِ آنِفًا لَا يَجُوزُ، فَلَا إعَادَةَ، قُلْت: وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِعَادَةَ... اهــ مختصرا.
ويرى الشافعية جواز الإعادة لتحصيل فضل الجماعة حتى في وقت النهي وحتى من صلاها في جماعة، قال النووي في المجموع في إعادة الجماعة: أَمَّا إذَا صَلَّى جَمَاعَةً ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أُخْرَى فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:
1ـ الصَّحِيحُ مِنْهَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ: يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا، لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَالْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا: مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا ـ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.
2ـ وَالثَّانِي: لَا يُسْتَحَبُّ لِحُصُولِ الْجَمَاعَةِ، قَالُوا: فَعَلَى هَذَا تُكْرَهُ إعَادَةُ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَا يُكْرَهُ غَيْرُهُمَا.
3ـ وَالثَّالِثُ: يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ مَا سِوَى الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ.
4ـ وَالرَّابِعُ: إنْ كَانَ فِي الْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَةُ فَضِيلَةٍ، لِكَوْنِ الْإِمَامِ أَعْلَمَ أَوْ أَوَرَعَ، أَوْ الْجَمْعِ أَكْثَرَ، أَوْ الْمَكَانِ أَشْرَفَ اُسْتُحِبَّ الْإِعَادَةُ، وَإِلَّا فَلَا.
وَالْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا. اهـ.
والله أعلم.