الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكر، فإن هذه المرأة قد أساءت إساءة بالغة حين سافرت وهي لا تزال في عدتها، فتجب عليها التوبة من ذلك، وتراجع الفتويان: 65624، 5450.
والولي شرط لصحة الزواج على الراجح من أقوال الفقهاء، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 1766.
وإذا تم الزواج بواسطة القاضي الشرعي، فهو زواج صحيح، فالسلطان ولي من لا ولي له، وانظري الفتوى رقم: 47816.
هذا مع التنبيه هنا إلى خطأ ما قاله أبوها من أنها كبيرة لها أن تزوج نفسها، وإذا امتنع الولي عن تزويج ابنته لغير مسوغ شرعي، فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليأمر الولي الأبعد بتزويجها أو يزوجها بنفسه، فالسلطان ولي من لا ولي له ـ كما بينا سابقا ـ ولا يجوز للزوجة أن تطلب من زوجها الطلاق أو الخلع لغير مسوغ شرعي، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 29948.
وإذا طلق الزوج زوجته وقع الطلاق، وإذا كان هذا الطلاق رجعيا، وخالعت فيه الزوجة زوجها صح الخلع، لأن المطلقة الرجعية في حكم الزوجة.
والطلاق في طهر مسها فيه طلاق بدعي، ولكنه يقع على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي الفتوى رقم: 113429.
وأكثر العلماء على أن عدة المختلعة كعدة المطلقة، فتعتد بثلاث حيضات، كما هو مبين في الفتوى رقم: 191523.
فإذا انتهت العدة كان لزوجها الأول أن ينكحها، لأنها قد نكحها زوج غيره، وإذا قصدت الزوجة التحليل بزواجها الثاني فإن هذا لا أثر له، لأن الطلاق ليس بيدها، وأما تصديقه إياها: فيصدقها إن كانت أهلا للتصديق، فقد قال صاحب الزاد من الحنابلة: من ادعت مطلقته المحرمة ـ وقد غابت ـ نكاح من أحلها، وانقضاء عدتها منه، فله نكاحها إن صدقها وأمكن. اهـ، قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع: قوله: إن صدقها ـ فإن لم يصدقها، فلا تحل، لأنه لو أقدم عليها مع عدم تصديقه لها لأقدم على نكاح لا يعلم صحته، وهل له أن يصدقها وإن كانت ممن لا يوثق بخبرها؟ لا، لكن إذا صدقها وهي محل للتصديق، أما إذا كان لا يثق بها، فإنه لا يجوز أن يصدقها. اهـ
والله أعلم.