الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق التنبيه في الفتوى قم: 18526، على أن ما يروى من حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل سور القرآن سورة سورة، موضوع مكذوب لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما الأحاديث الصحيحة الثابتة في فضائل بعض سور القرآن: فقد ذكرنا جزءًا مهما منها في الفتوى رقم: 124798 وإحالاتها، فراجعها.
وأما عن السبع المنجيات: فلم يرد نص صحيح ـ فيما نعلم ـ يدل على هذه التسمية، أو يثبت لتلك الآيات المسماة بهذا الاسم فضائل دون غيرها من القرآن، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 58573، 27184، 49682.
وأما سؤالك الأخير: فجوابه أن نسيان القرآن بعد حفظه لا شك في أنه تفريط في النعمة وكفران لها، وهو أمر مذموم بلا شك، بل من العلماء من عده من الكبائر، كما أشرنا في الفتوى رقم: 19564.
ولكن لم نجد حديثا صحيحا صريحا في الوعيد على نسيان القرآن أو بعضه، فقد وردت في ذلك أحاديث ضعفها أهل العلم، منها حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي، فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها. رواه الترمذي وأبو داود.
ومنها حديث سعد بن عبادة، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم: مَا مِن امرئٍ يَقرَأ القرآن، ثم ينساه إلا لقيَ الله يَومَ القَيامة أجذَمَ. رواه أبو داود وغيره.
والحديثان ضعيفان، كما صرح بذلك الشيخ الألباني والشيخ الأرناؤوط وغيرهما..
هذا، وقد ورد حديث صحيح غير صريح في مسألتنا هذه، وهو حديث سمرة الطويل في شأن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجه البخاري في صحيحه، وفيه: أما الذي يثلغ رأسه بالحجر، فإنه يأخذ القرآن، فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة.
إلا أن الرفض هنا محمول على ترك العمل لا على النسيان، جاء في شرح صحيح البخارى لابن بطال: وقوله في حديث سمرة: يأخذ القرآن فيرفضه ـ يعنى يترك حفظ حروفه والعمل بمعانيه، فأما إذا ترك حفظ حروفه وعمل بمعانيه، فليس برافض له. اهـ.
وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري: قوله: فيرفضه ـ بضم الفاء وكسرها، أي: يترك حفظه والعمل به، وأما الذي يترك حفظ حرفه ويعمل بمعانيه، فليس برافض له، وأما الذي يرفض كليهما، فذاك لعقد الشيطان فيه، فوقعت العقوبة في موضع المعصية. اهـ.
والله أعلم.