الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإن كان والدك قد صرح لك بهبة الهواء -الذي بنيت عليه أنت، وأخوك الشقة- لكما، فإن ما بنيتماه يعتبر ملكا لكما، ولا يدخل في الميراث، وإذا نازعك الورثة في ادعاء أن والدك وهب لك الهواء، أو نازعوك في دعوتك أنك بنيتها بمالك الخاص، فأنت مطالبة بإقامة البينة على دعواك؛ إذ الأصل أن ما بُنِيَ فوق ملك الإنسان أنه ملك له، وبناه بماله، وقد قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. رواه الترمذي.
وإذا لم يصرح لك والدك بهبة الهواء، فإن مجرد الإذن بالبناء لا يعتبر تمليكا أو هبة، والشقة التي بنيتها أنت، والشقة التي بناها أخوك، كلاهما تعتبران حينئذ عارية تنتهي بموت أبيك، بمعنى أن والدكما أعاركما الهواء للبناء عليه. فإذا مات والدكما فإن العارية تنتهي، إلا إذا كانت المدة بين بنائك الشقة، وبين موت أبيك، قليلة دون المدة المعتادة في الاستفادة من الشقق، فإن العارية تستمر إلى المدة المعتادة عرفا، كما بيناه في الفتوى رقم: 75036.
وعند انتهاء مدة العارية -سواء قلنا بموت الأب، أم بانتهاء المدة المعتادة بعد وفاته- يدفع الورثة لك قيمة الشقة منقوضة، أو قائمة على قولين، وكذا يدفعون لأخيك قيمة شقته قائمة، أو منقوضة، وتصير الشقتان للورثة جميعا، وقد فصلنا في هذه المسألة في فتاوى سابقة، فانظري الفتوى رقم: 32937، والفتوى رقم: 106557، والفتوى رقم: 236182 وهذه الأخيرة فيها كلام الفقهاء فيما تقوّم بها الشقة هل تقوّم قائمة أم منقوضة؟ وعند الاختلاف لا بد من الفصل عند القضاء الشرعي، ولا تكفي مجرد فتوى قد لا تروق لأحد المتنازعين.
والله أعلم.