الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فـ "حتى" في الآية الكريمة المذكورة متعلقة بـ "حرام" أو بـ "يرجعون" في الآية قبلها. وقيل فيها غير ذلك؛ فقد جاء في التبيان في إعراب القرآن للعكبري: "وَ (حَتَّى): مُتَعَلِّقَةٌ فِي الْمَعْنَى بِحَرَامٍ; أَيْ: يَسْتَمِرُّ الِامْتِنَاعُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ".
وقال البيضاوي في أنوار التنزيل: "حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ متعلق بـ حَرامٌ، أو بمحذوف دل الكلام عليه، أو بـ لاَ يَرْجِعُونَ؛ أي: يستمر الامتناع أو الهلاك أو عدم الرجوع إلى قيام الساعة وظهور أماراتها: وهو فتح سد يأجوج ومأجوج، وهي حتى التي يحكى الكلام بعدها، والمحكي هي الجملة الشرطية".
وقال ابن جزي في تفسيره التسهيل: "حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، حتى هنا حرف ابتداء أو غاية متعلقة بـ يرجعون، وجواب إذا: فإذا هي شاخصة، وقيل: الجواب: يا ويلنا؛ لأن تقديره يقولون يا ويلنا، وفتحت يأجوج ومأجوج، أي: فتح سدها فحذف المضاف".
وجاء في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للألوسي: وحَتَّى في قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ابتدائية، والكلام بعدها غاية لما يدل عليه ما قبلها، كأنه قيل: يستمرون على ما هم عليه من الهلاك حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا ويقولون يا ويلنا .. إلخ. أو: غاية للحرمة، أي: يستمر امتناع رجوعهم إلى التوبة حتى إذا قامت القيامة يرجعون إليها، وذلك حين لا ينفعهم الرجوع، أو غاية لعدم الرجوع عن الكفر، أي: لا يرجعون عنه حتى إذا قامت القيامة يرجعون عنه، وهو حين لا ينفعهم ذلك، وهذا بحسب تعدد الأقوال في معنى الآية المتقدمة والتوزيع غير خفي. وقال ابن عطية: حتى متعلقة بقوله تعالى: تَقَطَّعُوا .. إلخ. قال أبو حيان: وفيه بعد من كثرة الفصل لكنه من جهة المعنى جيد، وحاصله: أنهم لا يزالون مختلفين غير مجتمعين على دين الحق إلى قرب مجيء الساعة، فإذا جاءت الساعة انقطع ذلك الاختلاف، وعلم الجميع أن مولاهم الحق، وأن الدين المنجي كان دين التوحيد... اهـ.
والله أعلم.