الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول زوجك: إذاً أنت طالق ـ ليس تعليقاً للطلاق، بل هو طلاق صريح ناجز، وكونه كان غاضباً أو متوتر الأعصاب، لا يمنع وقوع طلاقه ما دام تلفظ به مدركاً غير مغلوب على عقله، قال الرحيباني الحنبلي رحمه الله: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ...
وبخصوص الطلقة الأخيرة: فلا عبرة بعدم سماعك لفظ الطلاق منه، فإنّ نفوذ الطلاق لا يتوقف على سماع الزوجة لفظ الطلاق، بل يقع الطلاق ولو لم تعلم به الزوجة.
وعليه، فالظاهر لنا من سؤالك أنّ زوجك طلقك ثلاث تطليقات متفرقات، وبذلك تكونين بائنة منه بينونة كبرى، فلا يملك رجعتك إلا إذا تزوجت زوجاً غيره ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ثم يطلقك الزوج الجديد بعد الدخول أو يموت عنك وتنقضي عدتك منه، وأما زواج التحليل: فباطل، لا يصحّ، ولا يُحلّ لك الرجعة لزوجك الأول، وانظري الفتوى رقم: 38431.
لكن إذا تزوجت بنية التحليل من غير اشتراط في العقد ولم يكن الرجل نوى بزواجه التحليل، فالعقد صحيح، وإذا طلقك بعد أن تم الدخول فلك أن تتزوجي بزوجك الأول، لأنّ المعتبر نية الزوج لا نية الزوجة، قال ابن قدامة رحمه الله: وإن قصدت المرأة التحليل أو وليها دون الزوج، لم يؤثر ذلك في العقد، وقال الحسن، وإبراهيم: إذا هم أحد الثلاثة، فسد النكاح، قال أحمد: كان الحسن وإبراهيم والتابعون يشددون في ذلك، قال أحمد: الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ ونية المرأة ليس بشيء، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله المحلل والمحلل له ـ ولأن العقد إنما يبطل بنية الزوج، لأنه الذي إليه المفارقة والإمساك، أما المرأة: فلا تملك رفع العقد، فوجود نيتها وعدمها سواء.
والله أعلم.