الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الرشوة حرام، ومن كبائر الذنوب، فيحرم طلبها، وبذلها، وقبولها.
إلا أنه إذا لم يستطع المرء التوصل إلى حقه، أو لم يستطع دفع ظلم، أو رفع ضرر عنه إلا بها، فإنها تكون جائزة في حقه عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 1713.
وعليه، فإن بَذْلك لبعض المال مقابل الحصول على ما ذُكر، يعد جائزا في حقك إذا كنت مستحقا لشهادة الإعفاء المذكورة مجانا.
لكن ما دمت قد حصلت عليها بالفعل دون أن تدفع المال المذكور، فإنه لا يجب عليك الوفاء بما وعدت به من مال، بل عليك أن لا تفي به؛ لأنه مال حرام في حق الآخذ، ولا يحل له بحال، وحيث كان كذلك، فلا يجوز بذله له، وليس له حق عليك، وإن طالبك به، فأخبره بأن ذلك المال لا يحل له.
وقد سئل الشيخ بن باز -رحمه الله- عن شخص عليه دين من فعل حرام، هل يسدده أم مَّاذا يفعل؟
فأجاب: ليس للدائن حق، إذا كان الدين من خمر، فليس للمدين أن يسدّده، فإن طولب به في المحكمة، فالأمر إلى المحكمة، فإن كان يعلم أنه ثمن خمر، يقول: إن الله تاب عليَّ، وما أعطيك ثمن الخمر، أو مهر البغي، مهر الزنا، ولا يعطي ما عنده؛ لأنه لا يحلُّ للدائن أخذه، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أكَّد في النهي عن ثمن الكلب، ومهر البغيِّ، وحلوان الكاهن ، فإذا كان المال الذي عنده في مقابل زنًا، أو خمر، أو ما أشبه ذلك، من الحرام فليس له أن يوفيه، بل يعتذر للدائن ويقول: إن الله هداني، ولا يجوز لي أن أعطيك هذا الشيء. اهـ بتصرف.
والله أعلم.