الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطلاق في الحيض نافذ عند أكثر أهل العلم -وهو المفتى به عندنا-، ولا عبرة بعدم علم المرأة بالطلاق، ولا يشترط لصحة الطلاق الإشهاد عليه، وانظري الفتوى رقم: 35332.
لكنّ الطلاق في الحيض طلاق بدعة محرم بلا ريب؛ فلا يباح طلاق الحائض حتى ينقطع دم حيضها، فإذا انقطع الدم كان الطلاق مباحًا، ولو لم تغتسل المرأة غسل الحيض؛ قال ابن قدامة -رحمه الله-: "فإذا انقطع الدم أبيح فعل الصوم والطلاق، ولم يبح سائرها حتى تغتسل". عمدة الفقه (ص: 18).
ومن طلّق امرأته في حيضها وجب عليه عند بعض العلماء أن يراجعها، ثم يتركها حتى تطهر، ثم يطلقها أو يمسكها إن أحب، وعند بعض العلماء تستحب رجعتها ولا تجب؛ جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: "وتكون الرجعة واجبة عند الحنفية والمالكية إذا طلق الرجل امرأته طلقة واحدة في حالة حيض؛ فهذا طلاق بدعي يستوجب التصحيح، والتصحيح لا يتم إلا بالرجعة. والدليل على ذلك: حديث ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأل عمر بن الخطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك. فقال: مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء. وتسن عند الشافعية والحنابلة في هذه الحالة".
وذهب بعض أهل العلم إلى بطلان طلاق الحائض، وعدم الاعتداد به، وعلى قولهم؛ يلزم من طلق في الحيض أن يمسك امرأته حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم يطلق إن بدا له الطلاق. وانظري الفتوى رقم: 5584.
والله أعلم.