الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمع بين الصلاتين بسبب الوحل جائز لا حرج فيه، وهو قول كثير من أهل العلم، قال ابن قدامة رحمه الله: فَأَمَّا الْوَحْلُ بِمُجَرَّدِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: قَالَ أَصْحَابُنَا: هُوَ عُذْرٌ، لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَلْحَقُ بِذَلِكَ فِي النِّعَالِ وَالثِّيَابِ، كَمَا تَلْحَقُ بِالْمَطَرِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ وَجْهًا ثَانِيًا، أَنَّهُ لَا يُبِيحُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، لِأَنَّ مَشَقَّتَهُ دُونَ مَشَقَّةِ الْمَطَرِ، فَإِنَّ الْمَطَرَ يَبُلُّ النِّعَالَ وَالثِّيَابَ، وَالْوَحْلُ لَا يَبُلُّهَا، فَلَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ الْوَحْلَ يُلَوِّثُ الثِّيَابَ وَالنِّعَالَ، وَيَتَعَرَّضُ الْإِنْسَانُ لِلزَّلَقِ، فَيَتَأَذَّى نَفْسُهُ وَثِيَابُهُ، وَذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ الْبَلَلِ، وَقَدْ سَاوَى الْمَطَرَ فِي الْعُذْرِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَدَلَّ عَلَى تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَشَقَّةِ الْمَرْعِيَّةِ فِي الْحُكْمِ. انتهى.
والجمع للوحل يجوز بين الظهرين، كما يجوز بين العشاءين، على ما رجحه الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وعبارته: قوله: ووحل ـ الوحل: الزلق والطين، فإذا كانت الأسواق قد ربصت من المطر، فإنه يجوز الجمع، وإن لم يكن المطر ينزل، وذلك لأن الوحل والطين، يشق على الناس أن يمشوا عليه، وعلم من قوله: بين العشائين ـ أنه لا يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأسباب، وهو المذهب، والراجح أنه جائز لهذه الأسباب وغيرها بين الظهرين والعشائين عند وجود المشقة بترك الجمع، كما يفيده حديث ابن عباس رضي الله عنه. انتهى.
والله أعلم.