الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد أمر الأزواج بحسن عشرة زوجاتهم، قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بهن خيرا، ففي الحديث المتفق عليه قوله: استوصوا بالنساء خيرا.
وقد ذكرت عن زوجك عدة أمور تنافي هذه التوجيهات الشرعية الحكيمة كعصبيته تجاهك، وضربه لك، وتهديده لك بالطلاق، وقد أحسنت بصبرك عليه ومحاولتك إصلاحه.
وأما رجوعك إليه: فإن كنت لا تزالين في عدة الطلاق، فله الحق في رجعتك ولو من غير رضاك، لقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا {البقرة:228}.
فإن غلب على ظنك صلاحه وأنه يمكن أن يحسن معاملتك فاقبلي بالرجوع إليه، وإن غلب على الظن أن يظل الأمر على ما هو عليه فاختلعي منه، وراجعي في معنى الخلع الفتوى رقم: 3875.
وأما إذا انقضت العدة: فليس له رجعتك إلا برضاك، والأمر في الرجوع إليه من عدمه يعمل فيه بمقتضى ما هو مرجو من المصلحة ـ كما أسلفنا ـ واجعلي من استشارة الأمناء الناصحين ممن يعرفونه أساسا، إضافة إلى استخارة الرب تبارك وتعالى، وانظري الفتوى رقم: 19333.
ولمعرفة متى يعتبر السقط موجباً لانتهاء العدة انظري الفتوى رقم: 76736.
ولو أبيت إلا فراقه لم تكوني ظالمة له، ففي حالة الخلع هنالك سبب دعاك إليه، وبعد انتهاء العدة فالأمر راجع إليك، وقد يقيض الله لكل منكما من الأزواج من يسعد معه، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.
والله أعلم.