الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد نبهنا مرارًا على أن علاج الوساوس الذي لا علاج لها غيره هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، فإن الاسترسال مع الوساوس من أعظم الشرور، وأكبر الآفات التي تصيب العبد، فتفسد عليه دينه، ودنياه -نسأل الله العافية-، وانظري الفتوى رقم: 51601.
والمقرر عندنا في حال تعدد الأسئلة الإجابة عن سؤال واحد فقط منها، لكن بما أن أسئلتك مترابطة، وكلها متعلقة بما تعانينه من الوسواس، فسنحاول الإجابة عنها بشيء من الاختصار، فنقول:
1ـ عليك أن تتوضئي بشكل طبيعي دون مبالغة، ودون إعادة لما غسلت من الأعضاء، وليس بصحيح أن لك ترك بعض الأجزاء من العضو من دون إيصال الماء إليها، بل يجب تعميم أعضاء الوضوء بالماء، لكن دون تكلف زائد، ودون إعادة لما شككت في تعميمه، وهكذا بالنسبة للصلاة، فإن شككت في شيء منها، فإنك تبنين على الأكثر، ولا تعيدين ما شككت فيه.
2ـ مدافعة الريح، أو غيرها في الصلاة جائزة مع الكراهة، ولا تبطل الصلاة إلا إذا تيقنت يقينًا جازمًا بخروج الريح، ولا يشرع لك قطعها بمجرد الشك في ذلك، فهذا الشك لا اعتبار له، وقد شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا. رواه مسلم.
3ـ متى حصل لك الوسواس، ولو في أمور قد شفيت منها، فإن عليك العمل بحكم الموسوس، وعدم الالتفات لما وسوست فيه، وواضح من قولك: "وهناك أمور من الممكن أول مرة يأتيني فيها، لكنني أحس أنه وسواس وأشك أنها غير وسواس" ـ أن ما بك وسواس حقيقة، وليس وهمًا، حيث إنك تشكين، ولا تعلمين هل ما بك وسواس أم لا؟ وهذا هو غالب حال الموسوسين.
4ـ ينبغي عدم الإطالة في الاستنجاء أكثر من اللازم، والمطلوب هو حصول الإنقاء، ويكفي فيه غلبة الظن، جاء في منار السبيل لابن ضويان -رحمه الله-: والإنقاء بالماء عود خشونة المحل كما كان، وظنه كاف، دفعًا للحرج.
5ـ ما تفعلينه من مسح اليد عقب الاستنشاق، أو غيره غلو، وتنطع مذموم، فعليك أن تتركيه، ولتعلمي أن الماء المستعمل في عرف الفقهاء هو الماء المنفصل عن أعضاء الوضوء، أو الغسل، ولم يقل قائل: بأن على الشخص أن ينشف يديه بعد غسل كل عضو حتى لا يصيب العضو الموالي بقايا الماء المستعمل في العضو السابق، فهذا لا يخفى ما فيه من التكلف، والغلو.
والله أعلم.