الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهنيئًا لك المحافظة على الصلوات في المسجد، مع الحرص على التبكير، والصف الأول، فواظب على هذا الحال، فإنك على خير ـ إن شاء الله ـ ولا تدع الشيطان يثبط من عزيمتك، ويوسوس لك بالرياء، وما شابه ذلك، فإن الوسواس مدخل من مداخله، التي لو أفلح في الدخول منها إلى المرء أفسد عليه أمور دينه ودنياه.
ومن ثم؛ فالذي نراه بخصوص مسألتك أن عليك أن تتجاهل الوساوس بهذا الأمر، وتستمر على الصلاة في المسجد الموجود بالحي، إن كان الحامل لك على تغييره هو ما ذكرت فقط.
وأما إن كانت لك نية أخرى في تغييره، مثل: زيادة الخطوات ـ وما شابه ذلك، فهذا خير، لكن المهم أن لا يحملك الإخلاص، وخوف الرياء على ترك الصلاة في أي مسجد، سواء كان ذلك القريب منكم، أم غيره، فإن الرياء كما هو حاصل في الفعل حاصل في الترك أيضًا، يقول الفضيل بن عياض -كما في شعب الإيمان-: تَرْكُ الْعَمَلِ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالْعَمَلُ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ، وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُعَافِيَكَ اللهُ عَنْهُمَا. اهـ.
وسواء صليت في المسجد القريب أم البعيد عنكم، فلا تهتم بما يقال عنك، واجعل همك ومبتغاك رضا الرحمن فقط.
ثم اعلم أن الرياء أمر قلبي، فما دام قصد الإنسان من العبادة حسنًا، وهو التقرب إلى الله، وابتغاء رضوانه، خالصًا من أي شوائب، فإن الرياء منتف عنه مهما أظهر من طاعات، وواظب عليها، ورآه الناس على تلك الحال، وفي هذا جواب لقولك: فهل هذا الخوف يؤكد شبهة الرياء حقًّا.
والله أعلم.