الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد رُوي في ذلك حديث ضعيف، رواه البيهقي في شعب الإيمان عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: مَرَّ بِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ مُتَصبِّحَةٌ، فَحَرَّكَنِي بِرِجْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّةُ، قَوْمِي اشْهَدِي رِزْقَ رَبِّكِ، وَلَا تَكُونِي مِنَ الْغَافِلِينَ، فَإِنَّ اللهَ يَقْسِمُ أَرْزَاقَ النَّاسِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. قال السيوطي ـ رحمه الله ـ في جامع الأحاديث: البيهقي في شعب الإيمان وضعفه، عن فاطمة، وعلي.
وبعد البحث لم نطلع على حديث صحيح في ذلك، غير أن هناك صلة بين الرزق وبين البكور أي: وقت الصباح وأول النهار، فقد روى الأربعة عن صَخْرٍ الغَامِدِيِّ ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اللهمَّ بارك لأُمتي في بُكُورها، وكان إذا بعث سَرِيَّةً أو جيشًا؛ بعثهم من أول النهار. وكان صخر رجلًا تاجرًا، فكان يبعث تجارته من أول النهار، فَأثرَى وكَثُرَ ماله، قال الألباني في تخريج سنن أبي داود في النسخة الأم: حديث صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وقوّاه ابن عبد البر، والمنذري، والحافظ ابن حجر، والسخاوي. انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله - في شرح رياض الصالحين: حديث صخر -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم بارك لأمتي في بكورها. أي: في أول النهار، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يبارك الله في أول النهار فيه لأمته؛ لأنه مستقبل العمل، فإن النهار كما قال الله تعالى معاش، وجعلنا النهار معاشًا، فإذا استقبله الإنسان من أوله صار في ذلك بركة، وهذا شيء مشاهد أن الإنسان إذا عمل في أول النهار وجد في عمله بركة، لكن -وللأسف- أكثرنا اليوم ينامون في أول النهار، ولا يستيقظون إلا في الضحى، فيفوت عليهم أول النهار الذي فيه بركة، وقد قال العامة: أمير النهار أوله، يعني أن أول النهار هو الذي يتركز عليه العمل، وكان صخر يبعث بتجارته أول النهار، فأثرى وكثر ماله؛ من أجل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة لهذه الأمة في بكورها، والله الموفق. انتهى.
والله أعلم.