الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن القرآن سبب للشفاء، يشفي الله به المؤمنين، كما قال سبحانه: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء:82]، وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57}.
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- في تفسيره: فالقرآن مشتمل على الشفاء، والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدقين بآياته، العاملين به. وأما الظالمون بعدم التصديق به، أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلا خساراً، إذ به تقوم عليهم الحجة. اهـ.
فيجب أن يعتقد أن الرقية به سبب للشفاء، كما يجب أن يعتقد كذلك أن الشفاء لا يقع إلا بإذن الله تعالى؛ لأنه سبحانه هو الشافي، ولا شفاء إلا شفاؤه. جاء في المفيد في مهمات التوحيد لعبد القادر محمد عطا: ألا يظن الراقي، أو المرقي، أن الرقية تستقل بالشفاء، أو دفع المكروه وحدها. فإذا اعتقد أنها تؤثر بذاتها، فهذا هو الشرك الأكبر؛ لأن الشافي هو الله وحده. اهـ.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (1/ 97): والرقية الشرعية جائزة بشروط منها: أن تكون بكلام الله، أو أسمائه، وصفاته، فيجوز الاستشفاء بالقرآن، وبالسنة فيما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ورقى به نفسه، أو رقى به أصحابه، أو بالدعوات الطيبة التي ليس فيها ما يخالف الشرع المطهر، ويشترط أن تكون الرقية باللغة العربية، أو ما يفهم معناها، كما يشترط أن يعتقد الراقي، والمرقي أن الرقية لا تؤثر بذاتها، ولا بذات المسترقي، بل بإذن الله تعالى، فهو النافع الضار الشافي، وفعل الراقي سبب، والله هو الذي خلق الأسباب والمسببات. اهـ.
والله أعلم.