الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأفضل للذاكر، والداعي أن يفهم معنى ما يدعو به؛ لكي يكون ذلك أبلغ في حضور القلب، وتفكره فيما ينطق اللسان، لكن ذلك ليس شرطًا في الدعاء، أو الذكر، يقول الحافظ ابن حجر: ولا يشترط استحضاره لمعناه، ولكن يشترط ألا يقصد به غير معناه، وإن انضاف للنطق الذكر بالقلب، فهو أكمل. اهـ.
وقال الغزالي -رحمه الله- في الإحياء: الاستغفار باللسان أيضًا حسنة؛ إذ حركة اللسان بها عن غفلة، خير من حركة اللسان في تلك الساعة بغيبة مسلم، أو فضول كلام، بل هو خير من السكوت عنه، فيظهر فضله بالإضافة إلى السكوت عنه، وإنما يكون نقصانًا بالإضافة إلى عمل القلب. اهـ.
وقال أيضًا: فإن تعود الجوارح للخير حتى يصير لها ذلك كالطبع، يدفع جملة من المعاصي. اهـ. وراجع في هذا المعنى فتوانا رقم: 28251
وبناء على ما تقدم، فإن الدعاء بالأدعية المأثورة التي لا يعرف الشخص معناها، يحصل به الغرض المطلوب -إن شاء الله-.
والأكمل أن يعرف الشخص معنى ما يدعو به.
ومعاني الأدعية عمومًا، يمكن معرفتها بسؤال أهل العلم عنها، أو بالرجوع للكتب التي تشرح هذه الأدعية.
والكلمتان اللتان ذكرت، قد فسرهما غير واحد من شراح الحديث.
جاء في شرح سنن ابن ماجه للسيوطي: قَوْله: من كل شَيْطَان، وَهَامة. الهامة كل ذَات سم يقتل، وَجمعه الْهَوَام، وَمَا يسم وَلَا يقتل، فسامة كالعقرب، والزنبور، وَقد يَقع الهامة على مَا يدب من الْحَيَوَان وإن لم يقتل، كَذَا فِي الْجمع: إنْجَاح الْحَاجة.
قَوْله: وَمن كل عين لَامة. أَي ذَات لمَم، واللمم طرف من الْجُنُون، يلم بالإنسان، أَي يقرب مِنْهُ، ويعتريه، وَالْأَصْل ملمة؛ لِأَنَّهَا من الممت، وَعدل عَنهُ للمزاوجة، أَي للمشاكلة. اهـ.
والله أعلم.