الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فصحة طوافك أو عدم صحته ينبني على كونك طهرت من الحيضة أم لا، فإذا كنت اغتسلتِ بعد التحقق من حصول الطهر بإحدى علامتيه: الجفوف، أو القصة البيضاء، فلا يضرك ما رأيته بعد الاغتسال من صفرة أو كدرة ما دامت في غير عادتك، لقول أُمِّ عَطِيَّةَ ـ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: كُنَّا لَا نَعُدُّ اَلْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ اَلطُّهْرِ شَيْئًا. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ، وَاللَّفْظُ لَه .
والجفوف هو عدم تلوث القطنة ونحوها بالدم أو الصفرة أو الكدرة بأن تخرجها من فرجها نقية من ذلك، ولا يضر بللها بغير ذلك من رطوبة الفرج، ونزول الإفرازات ناقض للوضوء، وانظري الفتوى رقم: 144617، عمن طافت مع خروج تلك الإفرازات.
وأما إذا لم تتحققي من الطهر بإحدى تلك العلامتين، فإنك تعتبرين حائضا، وكون الكدرة استمرت على غير المعتاد هذا لا ينفي كونها حيضا قبل رؤية الطهر، إذ من المعلوم أن الحيض ربما زاد عن أيامه المعتادة، وربما نقص، وإذا كنت طفت وأنت حائض، فإن الطواف لا يصح في قول جمهور أهل العلم، وتلزمك العودة إلى مكة وإتمام العمرة، ولا تخرجين إلى التنعيم، لأنك ما زلت على إحرامك الأول، وإن عجزت عن العودة لمكة تحللت تحلل المحصر، وقد بينا كيفيته في الفتوى رقم: 287452.
ولكن ما دمت قد اشترطت عند الإحرام أن محلك حيث حبسك حابس، فلك أن تتحللي مجانا، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: إذا أحرمت المرأة بالعمرة وأتاها الحيض، فإن إحرامها لا يبطل، بل تبقى على إحرامها، وهذه المرأة التي أحرمت بالعمرة وخرجت من مكة ولم تطف ولم تسع، لا تزال في عمرتها، وعليها أن ترجع إلى مكة وأن تطوف وتسعى وتقصر حتى تحل من إحرامها، ويجب عليها أن تتجنب جميع محظورات الإحرام ـ من الطيب وأخذ الشعر، أو الظفر، وعدم قربها من زوجها إن كانت ذات زوج ـ حتى تقضي عمرتها، اللهم إلا أن تكون قد خافت من مجيء الحيض فاشترطت عند إحرامها، أن محلها حيث حبست، فإنه لا شيء عليها إذا تحللت. اهـ.
والله أعلم.