الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن منافع الحبة السوداء كثيرة جداً، وهي شفاء لكثير من الأمراض، وقد جاء فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بهذه الحبة السوداء؛ فإن فيها شفاء من كل داء، إلا السام. رواه البخاري ومسلم.
وقد بينا طرق استعمالها في العلاج، وذلك في الفتوى رقم: 48436
أما عن خطورة وضرر الإكثار منها، والضابط في ذلك؟ فالجواب: أن الاعتدال مطلوب في كل شيء، وأن ما زاد عن حده، ينقلب إلى ضده، كما يقال.
وقد أشار ابن القيم إلى المقدار المناسب منها لبعض الأمراض، فقال: وَإِذَا سُحِقَ نَاعِمًا، وَاسْتَفَّ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ، بِمَاءٍ بَارِدٍ مَنْ عَضَّهُ كَلْب كَلِب، قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْمَاءِ، نَفَعَهُ نَفْعًا بَلِيغًا، وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْهَلَاكِ. وَإِذَا اسْتُعِطَ بِدُهْنِهِ، نَفَعَ مِنَ الْفَالِجِ وَالْكُزَازِ، وَقَطَعَ مَوَادَّهُمَا، وَإِذَا دُخِّنَ بِهِ، طَرَدَ الْهَوَامَّ. وَإِذَا أُذِيبَ الْأَنْزَرُوتُ بِمَاءٍ، وَلُطِخَ عَلَى دَاخِلِ الْحَلْقَةِ، ثُمَّ ذُرَّ عَلَيْهَا الشُّونِيزُ، كَانَ مِنَ الذَّرُورَاتِ الْجَيِّدَةِ، الْعَجِيبَةِ النَّفْعِ مِنَ الْبَوَاسِيرِ، وَمَنَافِعُهُ أَضْعَافُ مَا ذَكَرْنَا، وَالشَّرْبَةُ مِنْهُ دِرْهَمَانِ. اهـ.
لكن لا نستطيع أن نحكم بأن هذا المقدار صالح لكل شخص، ولكل مرض، فإن هذا من اختصاص أهل الطب.
وبالتالي، فإن الضابط في استعمالها، والقدر المناسب للشخص، يحتاج لاستشارة الطبيب.
على أن عبارة ابن القيم: "وَزَعَمَ قوم" التي أوردتها في السؤال، قد تدل على تضعيفه للقول المشار إليه.
والله أعلم.