الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن الخطأ واتباع الهوى أن يتساهل المسلم في أمر دينه، فيقدم على الفعل قبل أن يسأل أهل العلم، والله سبحانه يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الحجرات:1}.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير عند تفسيره هذه الآية: وَهَذِهِ الْآيَةُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يُقْدِمُ عَلَى فِعْلٍ، حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَعَدَّ الْغَزَالِيُّ الْعِلْمَ بِحُكْمِ مَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ، مِنْ قِسْمِ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ الَّذِينَ تُعْرَضُ لَهُمْ. اهـ.
وقال الأخضري -المالكي- في مختصره: ولا يحل له -يعني المكلف- أن يفعل فعلاً حتى يعلم حكم الله فيه، أو يسأل العلماء العاملين، ويقتدي بالمتبعين. اهـ. ويشتد النكير إذا كان الأمر يتعلق بالفروج؛ لعظم شأنها، وهنالك ضابط فقهي ذكره الفقهاء، وهو أن الأصل في الفروج التحريم. فلينتبه لهذا!
ومن عجيب أمرك، عدم التزامك بما التزمت به، نعني زواجك إياها على المذهب المالكي، ثم وطؤك إياها قبل الإشهاد عند الدخول، وهو ما يشترطه المالكية. والحاصل أن هذا النكاح فاسد، وما ترتب عليه من طلاق فإنه يقع، وانظر فتوانا رقم: 185991. ومنها تعلم حصول البينونة، وأنها ليست زوجة لك، وأنك قد وطئتها إذن وهي أجنبية عنك، فهذا ذنب، يجب عليك التوبة منه، وراجع شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450. وهي ليست في عصمتك، كما ذكرنا، فكيف تطلب الطلاق؟!
واعلم أن من كان يعي تصرفاته، فإنه مكلف شرعا، ولا عبرة بما قد ينتابه من أمور نفسية ونحوها.
ولا ندري من أين لهذه المرأة القول:" نستطيع الجماع على المذاهب الأخرى ما عدا الحنفي، دون أن يعد ذلك رجعة" وعلى أي أساس صدقتها، ووطئتها! نخشى أن يكون الأمر مجرد هوى. وإن كانت تقصد كلام الفقهاء فيما تحصل به الرجعة، فراجع أقوالهم في الفتوى رقم: 30719.
والله أعلم.