الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور يفهم منه أن المأموم إذا لم يحسن الطهور فإن شؤم ذلك قد يعود على الإمام؛ بحيث يجد الشيطان سبيلًا سهلًا للتلبيس عليه في قراءته؛ جاء في فيض القدير: (إنما يلبس علينا صلاتنا) أي: إنما يخلط علينا فيها، واللبس: الخلط والإشكال. (قوم يحضرون الصلاة بغير طهور) أي: احتياط في الطهارة عند الحدثين، بأن يغفلوا عن ما يطلب تعهده، أو يتساهلوا فيما ينبغي التحري فيه منها. (من شهد الصلاة) أي: حضرها معنا. (فليحسن الطهور) بالمحافظة على شروطه، وواجباته، وآدابه؛ لئلا يعود شؤمه على المصلين معه، فيجد الشيطان للتلبيس عليهم سبيلًا سهلًا بواسطته. اهـ.
وقال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: قال الطيبي: قد تقدم معنى إحسان الوضوء في الفصل الأول، وفيه إشارة إلى أن السنن والآداب مكملات للواجب، يرجى بركتها، وفي فقدانها سد باب الفتوحات الغيبية، وإن بركتها تسري إلى الغير، كما أن التقصير فيها يتعدى إلى حرمان الغير. تأمل أيها الناظر: إذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتأثر من مثل تلك الهيئة، فكيف بالغير من صحبة أهل البدعة؟! أعاذنا الله، ورزقنا صحبة الصالحين. اهــ .
ولا يعني هذا أن الإمام يعلم بعدم طهارة المأموم بشكل تلقائي، فهذا -بلا شك- أمر غيبي عن الإمام وعن غيره، وكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قد علمه، فقد يكون لسابق علمه بأن عدم إحسان الطهور قد يؤدي إلى ذلك، أو يكون علمه بواسطة الوحي.
والله أعلم.