الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن جميع التكاليف الشرعية من صيام وزكاة وحج قد ربطها الشارع بالأهلة، وعلى ذلك؛ فإن الحساب المعتبر في الإسلام هو السنة الهجرية، التي يؤرخ فيها بالشهور القمرية، لقوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [التوبة:36].
وقال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ {البقرة: 189}
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم؛ ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. رواه البخاري.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فجعل الأهلة مواقيت للناس في الأحكام الثابتة في الشرع ابتداء أو سببًا، وهذا يدخل فيه الصيام، والحج، والزكاة. انتهى.
وقد ذكر القرطبي في التفسير: أن الله تعالى وضع هذه الشهور، وسمّاها بأسمائها على ما رتبها عليه يوم خلق السموات والأرض، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة، وهو معنى قوله: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا. اهـ.
ثم ذكر القرطبي -رحمه الله-: أن هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط ... اهـ.
والله أعلم.