الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن التوبة الصادقة تقبل من المريض إذا وقعت قبل بلوغ الروح الحلقوم، ولو كان ذلك في المرض المخوف، أو في حال الاحتضار؛ ومما يدل لذلك قبول إسلام المريض فيما رواه البخاري وغيره عن أنس قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه، فقال: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار. وثبت في الصحيحين أنه عرض على عمه الإسلام في مرضه الذي مات فيه.
وروى أحمد والترمذي وغيرهما عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. قال الترمذي: حديث حسن غريب. ومعنى الغرغرة بلوغ الروح الحلقوم، والوصول إلى حد لا تتصور بعده الحياة.
قال ابن علان: (إن الله عز) جده (وجلّ) شأنه (يقبل توبة العبد) أي: المذنب المكلف ذكراً، أو أنثى كرماً منه، وفضلاً كما سبق (ما لم يغرغر) أي: تصل روحه حلقومه من الغرغرة: وهي جعل الشراب في الفم، ثم يديره إلى أصل حلقومه، فلا يبلعه، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} (النساء: 18) وفسر ابن عباس حضوره بمعاينة ملك الموت، وقال غيره: مراده تيقن الموت لا خصوص رؤية ملكه.... وقال في «فتح الإله» بعد كلام قدمه: والحاصل أنه متى فرض الوصول لحالة لا تمكن الحياة بعدها عادة، لا تصح منه حينئذٍ توبة ولا غيرها، وهذا مراد الحديث بيغرغر، ومتى لم يصل لذلك صحت منه التوبة وغيرها. انتهى.
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي: المريض ولو في مرض الموت، تصح منه التوبة ما لم تصل الروح إلى الحلقوم؛ ولهذا ذكر العلماء أن المريض إذا حضره الموت يذكر بالتوبة، ويذكر بالشهادة، فإنها تنفعه. انتهى.
وأما عن قضية الصلاة والنوم عنها، وما ذكرت من أمر قريبك فنرجو إعادة إرساله بشكل مستقل؛ لأن المقرر عندنا الإجابة عن سؤال واحد من الأسئلة المتعددة، كما هو منبه عليه في صفحة إدخال السؤال.
والله أعلم.