الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم نقف -بعد البحث- على كلام أحد من أهل العلم ذكر هذه الواقعة عن أحد من السلف.
وقد نقل القرطبي -رحمه الله- في (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة) آثارًا لبعض السلف وقعت لهم منامات ذكروا فيها مهور الحور العين، وأن منها قراءة القرآن، فمما ذكره -رحمه الله-: قال محمد بن النعمان المقري: كنت قاعدًا عند الجلا المقري بمكة في المسجد الحرام، إذ مر بنا شيخ طويل نحيل الجسم عليه أطمار خلقة، فقام إليه الجلا ووقف معه ساعة، ثم انصرف إلينا، فقال: هل تعرفون من هذا الشيخ؟ فقلنا: لا. فقال: ابتاع من الله حوراء بأربعة آلاف ختمة، فلما أكملها رآها في المنام في حليها وحللها، فقال: من أنتِ؟ فقالت: أنا الحور التي ابتعتني من الله تعالى بأربعة آلاف ختمة، هذا الثمن، فما نحلتي أنا منك؟ قال: ألف ختمة. قال الجلا: فهو يعمل فيها بعد....
وقال مضر القارئ: غلبني النوم ليلة فنمت عن حزبي، فرأيت في منامي فيما يرى النائم جارية كأن وجهها القمر المستتم، ومعها رق فقالت: أتقرأ أيها الشيخ؟ قلت: نعم. فقالت: اقرأ هذا الكتاب. ففتحه فإذا فيه مكتوب -فوالله ما ذكرته قط إلا ذهب عني النوم-:
(ألهتك اللذائذ والأماني ... عن الفردوس والظل الدواني).
(ولذة نومة عن خير عيش ... مع الخيرات في غرف الجنان).
(تيقظ من منامك إن خيرًا ... من النوم التهجد بالقران).
وقال مالك بن دينار: كان لي أحزاب أقرؤها كل ليلة، فنمت ذات ليلة، فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال، وبيدها رقعة فقالت: أتحسن أن تقرأ؟ فقلت: نعم. فدفعت إلي الرقعة، فإذا فيها مكتوب هذه الأبيات:
(لهاك النوم عن طلب الأماني ... وعن تلك الأوانس في الجنان).
(تعيش مخلدًا لا موت فيها ... وتلهو في الخيام مع الحسان).
(تنبه من منامك إن خيرًا ... من النوم التهجد بالقران). انتهى.
ولم نقف على أحاديث تبين أن من ختم القرآن فله حورية، ولكن حسبك أن تكون نيتك في ختم القرآن هو التعبد لله، ونيل ثوابه بدخول الجنان، والتي من نعيمها الحور العين.
والله أعلم.