الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يغنيك من فضلك، وأن يرزقك الرزق الحلال المبارك.
وأما عن حكم اللعب باللعبة التي بها صور كرتونية شبه عارية -تظهر الصدر والفخذين-: فإن القول بعدم جواز اللعب بها ليس ببعيد -حتى وإن كان ظهور هذه الصور في اللعبة ليس بدائم-؛ لأن النظر إلى مثل هذه الصور قد يكون فيه فتنة، وإثارة للغرائز، وترسيخ لمثل هذه المناظر في نفوس اللاعبين، كما سبق في الفتوى رقم: 221602، والفتوى رقم: 63389.
فننصحك بمنع رواد المقهى من اللعب بهذه الألعاب، أو إغلاق المقهى إن لم تتمكن من منعها، فهذا أسلم وأحوط لك، حذرًا من الوقوع في الحرام، فمن الأمور المقررة في الشرع: أن الإعانة على معصية الله محرمة، لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}. قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثمًا؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها. وأكثر هؤلاء كالعاصر، والحامل، والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالًا محرمًا؛ كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: مما يدور عنه الحديث الآن عن مقاهي الإنترنت التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وبأعداد كبيرة، ما حكم الاستثمار والتجارة في هذه المقاهي، مع وجود بعض المضار والمحرمات؟
فأجابت: إذا كانت هذه الأجهزة يتم لمستخدمها التوصل إلى أمور منكرة باطلة، تضر بالعقيدة الإسلامية، أو يتم من خلالها الاطلاع على الصور الفاتنة، والأفلام الماجنة، والأخبار الساقطة، أو حصول المحادثات المريبة، أو الألعاب المحرمة، ولا يمكن لصاحب المحل أن يمنع هذه المنكرات، ولا أن يضبط تلك الأجهزة -فإنه والحال ما ذكر يحرم الاتجار بها؛ لأن ذلك من الإعانة على الإثم والمحرمات، والله -جل وعلا- قال في كتابه العزيز: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. اهـ.
وأما عن المال المكتسب من ذلك: فإذا قيل إن اللعبة محرمة، فما اكتسب من الإعانة عليها فالظاهر أنه محرم؛ لأنه مقابل عمل محرم، قال ابن عثيمين: فكل عين محرمة، وكل منفعة محرمة، فإن عوضها محرم بهذه القاعدة التي أسسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه). اهـ.
وثِقْ ثقة تامة أنك إن تركت هذا الأمر ابتغاء رضوان لله فسيعوضك الله خيرًا لك منه، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله -عز وجل- إلا أعطاك الله خيرًا منه. أخرجه أحمد، وصححه الألباني.
والله أعلم.