الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء النهي عن المسألة وأنها لا تحل إلا لمن اتصف بإحدى ثلاث كما أخرج مسلم في صحيحه عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: "يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ـ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ـ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ـ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ـ فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا".
قال أبو حامد الغزالي في الإحياء: وإنما قلنا إن الأصل فيه "أي السؤال" التحريم لأنه لا ينفك عن ثلاثة أمور محرمة: الأول: إظهار الشكوى من الله تعالى إذ السؤال إظهار للفقر وذكر لقصور نعمة الله تعالى عنه وهو عين الشكوى... الثاني: أن فيه إذلال السائل نفسه لغير الله تعالى، وليس للمؤمن أن يذل نفسه لغير الله، بل عليه أن يذل نفسه لمولاه فإن فيه عزه، فأما سائر الخلق فإنهم عباد أمثاله، فلا ينبغي أن يذل لهم إلا لضرورة، وفي السؤال ذل للسائل بالإضافة إلى المسئول. الثالث: أنه لا ينفك عن إيذاء المسئول غالباً؛ لأنه ربما لا تسمح نفسه بالبذل عن طيب قلب منه. انتهى منه بتصرف يسير، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 150749.
وأما الإعلان عن المشروع والاستعداد لقبول المساهمة فيه، فهذا ليس من التسول المحرم، وحتى لو جاء من يريد التبرع دون اشتراط أن يكتب اسمه أو يعطى نسخة أو منتجا أو يكون له سهم في المشروع فلا حرج في قبول تبرعه ولو كان غير مسلم، فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا الكفار, كقيصر, والمقوقس، حتى هدية الوثني يجوز قبولها. قال الشوكاني في نيل الأوطار: (وقد أورد البخاري في صحيحه حديثاً استنبط منه جواز قبول هدية الوثني، ذكره في باب قبول الهدية من المشركين من كتاب الهبة والهدية، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وفيه فساد من حمل رد الهدية على الوثني دون الكتابي...).
ومن اشترط للمساهمة في المشروع شرطا فإنه يجب التزام شرطه ما دام شرطا مباحا .
وليس هذا مشروعا خيريا بل هو مشروع تجاري خاص بك، ولا يجوز السؤال المحض له، بل يجوز طلب المساهمة فيه، ومن تبرع من غير سؤال، فلا حرج في قبول تبرعه.
والله أعلم.