الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن ذلك في الفتوى رقم: 95107، وتوابعها.
ولا يمكن الاستدلال على إباحة ذلك بقصة ذات النطاقين -رضي الله عنها-؛ فإن النطاق ثوب المهنة، تتزيا به المرأة في بيتها للخدمة.
جاء في المصباح المنير: وَالنِّطَاقُ جَمْعُهُ نُطُقٌ، مِثْلُ كِتَابٍ، وَكُتُبٍ، وَهُوَ مِثْلُ إزَارٍ فِيهِ تِكَّةٌ، تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ، وَقِيلَ هُوَ حَبْلٌ تَشُدُّ بِهِ وَسَطَهَا لِلْمِهْنَةِ. اهـ.
وقال ابن الأثير في النهاية: المنطق: النطاق، وجمعه: مناطق، وهو أن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشد وسطها بشيء، وترفع وسط ثوبها، وترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال؛ لئلا تعثر في ذيلها. وبه سميت أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين؛ لأنها كانت تطارق نطاقا فوق نطاق. وقيل: كان لها نطاقان تلبس أحدهما، وتحمل في الآخر الزاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وهما في الغار. وقيل: شقت نطاقها نصفين، فاستعملت أحدهما، وجعلت الآخر شدادا لزادهما. انتهى.
وذكر الزمخشري نحو ذلك في الفائق، وزاد: وَسميت ذَات النطاقين؛ لمظاهرتها بَينهمَا تسترا...انتهى.
وقال القاري في المرقاة: (أنا والله ذات النطاقين: أما أحدهما، فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعام أبي بكر من الدواب) : متعلق بأرفع، أي: أربط به سفرة طعامهما، وأعلقها مرفوعة، خشية من الدواب كالفأرة، والذرة ونحوهما. (وأما الآخر، فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه) إما لخدمتها المتعارفة في بيتها، الممدوحة في حقها، وإما لربطها في وسطها؛ إبقاء لحالها خشية أن تصير بطونية، كما هو الآن عادة العرب من الحزام، المصنوع من الجلد للفقراء، وألحقوا به المصنوع من الذهب، والفضة للأغنياء. انتهى.
فبينٌ أنه من ثياب البيت، تلبسه كل امرأة، وقد تخرج به تحت الثياب.
ثم إن قصة النطاقين قبل الهجرة، وإنما فرض الحجاب بالمدينة؛ فلو صح الاستدلال، لكان هذا منسوخا بفرض الحجاب.
وانظري الفتاوى أرقام: 68641، 35319، 30898.
والله أعلم.