الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفرق بينهما أن "يغفر لكم ذنوبكم" جاء بصيغة العموم والإطلاق؛ فما جاء بهذه الصيغة، دل على أن المغفرة فيه لجميع الذنوب.
وأما الآيات التي جاءت بزيادة "من" ففيها وجهان عند أهل التفسير، أحدهما: أن تكون "من" تبعيضية، أي يغفر لكم بعض ذنوبكم، وهو ما ليس فيه حق للعباد، أو هو ما كان قبل الإيمان.
جاء في إعراب القرآن، وبيانه لمحيي الدين درويش: عبّر بمن التبعيضية إشارة إلى أن الغفران يقع على الذنوب الخاصة، أما حقوق العباد، فلا يمكن غفرانها إلا بعد أن يرضى أصحابها؛ فإن الله تعالى لا يغفر بالإيمان ذنوب المظالم. اهـ.
والثاني: أن تكون "من" بيانية، أي لبيان ما يغفره الله لكم، وهو الذنوب، والمعنى: يغفر لكم ذنوبكم، أو زائدة للتقوية والتأكيد. جاء في أيسر التفاسير للجزائري: يغفر لكم من ذنوبكم: أي ذنوبكم التي هي الشرك، والمعاصي. فمن زائدة لتقوية الكلام، أو هي تبعيضية؛ لأن ما كان حقا لآدمي كمال، وعرض لا يغفر إلا بالتوبة. اهـ.
وقال ابن كثير: وَ "مِنْ " هَاهُنَا قِيلَ: إِنَّهَا زَائِدَةٌ. وَلَكِنَّ الْقَوْلَ بِزِيَادَتِهَا فِي الْإِثْبَاتِ قَلِيلٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ: "قَدْ كَانَ مِنْ مَطَرٍ". وَقِيلَ: إِنَّهَا بِمَعْنَى "عَنْ" تَقْدِيرُهُ: يَصْفَحُ لَكُمْ عَنْ ذُنُوبِكُمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقِيلَ: إِنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ يَغْفِرُ لَكُمُ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ.." اهـ.
والله أعلم.