الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإن العمل الذي يلهي عن الواجبات الشرعية كالصلاة، لا يمكن أن يكون عبادة محبوبة لله تعالى، بل هي من طاعة الشيطان، لا من طاعة الرحمن، كما قال الله عز وجل: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. {المائدة : 91 }
وقد نهى الله عز وجل عن الالتهاء بالمال، والولد عن ذكره، وعبادته، ومدح أهل الإيمان بذلك فقال: رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ. {النور : 37}. وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ. {سورة المنافقون : 9 }. قال ابن عطية في تفسيره: قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ } لا تشغلكم { أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ } قال المفسرون: يعني الصلوات الخمس، نظيره قوله: "لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله" (النور -37) { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ }، أي من شغله ماله، وولده عن ذكر الله { فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }. اهــ.
وحلق اللحية محرم، على الصحيح من مذاهب العلماء، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتوى رقم: 2711. كما سبق بيان بعض فوائد إطلاقها في الفتوى رقم: 19539.
وعلى ذلك، فإن كان عمل السائل يضطره إلى ترك الصلاة، أو تضييعها وتأخيرها عن مواقيتها، ولاسيما صلاة الجمعة، أو حلق لحيته، أو غير ذلك من المحرمات، فقد أصاب في عزمه على الاستقالة منه، فإنه يجب عليه تركه ما استطاع إلى ذلك سبيلا. وراجع الفتوى رقم: 73403.
والله تعالى أعلم.