الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الخطبة صحيحة، فإنّه يجوز للرجل أن يخطب المرأة الرشيدة إلى نفسها، وراجع الفتوى رقم: 197053.
ويجوز للمرأة ردّ الخطاّب بسبب هذه الخطبة وغيرها، بل لا يجوز التعرض لخطبتها ما دامت ركنت لك؛ إذ المعتبر في قبول الخطبة قول المرأة الرشيدة إن كانت غير مجبرة، وقول الولي إن كانت المرأة مجبرة؛ قال ابن قدامة: "والتعويل في الرد والإجابة على الولي إن كانت مجبرة، وعليها إن لم تكن مجبرة" المغني - (7 / 520).
والراجح عندنا: أنّ البالغة العاقلة لا تجبر على النكاح، كما بيّنّاه في الفتوى رقم: 31582.
وعليه؛ فالخطبة قائمة ما دامت المرأة قبلت بها، وإذا رفض الأب التزويج رغم كونك كفؤا لها، فهو عاضل وظالم لها؛ جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: "الأصل أن عضل الولي من له ولاية تزويجها من كفئها حرام؛ لأنه ظلم، وإضرار بالمرأة في منعها حقها في التزويج بمن ترضاه، وذلك لنهي الله -سبحانه وتعالى- عنه في قوله مخاطبًا الأولياء: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}".
والذي ننصح به: توسيط بعض العقلاء من الأقارب أو غيرهم ممن له وجاهة عند الأب؛ ليكلموه في قبول هذه الخطبة، فإن أبى ومنع تزويجها منك لغير مسوّغ، فللبنت رفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليزوجها أو يأمر وليها بتزويجها؛ جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل: "عن ابن عبد السلام: إن أبى ولي إنكاح وليته وأبدى وجها قبل، وإلا أمره السلطان بإنكاحها، فإن أبى زوجها عليه".
وعلى أية حال؛ فإنّ عضل الأب لابنته لا يبيح تزويجها بغير ولي، ولكن يزوجها القاضي أو غير الأب من الأولياء في حال امتناعه من التزويج، وراجع الفتوى رقم: 32427.
والله أعلم.