الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما هو واضح أن الوسواس قد بلغ منك مبلغا عظيما، فينبغي ـ أولا ـ أن تعلم أن كل هذه الوساوس من الشيطان، وأن غرضه منها التشويش عليك وإيقاعك في الحرج والمشقة؛ لكي ينغص عليك عيشك ويفسد حياتك، فعليك أن لا تطاوعه أبدا؛ لأن الله تعالى يقول: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}.
ومن ثم فيتعين عليك طرح هذه الوساوس وعدم الالتفات إلى أي شيء منها، وكلما وسوس لك الشيطان بأنك ارتكبت ما يوجب الكفر أو أنك فعلت هذا الفعل استهزاء فادرأ في نحره وادفع عنك وسوسته، وتعوذ بالله من شره، وراجع الفتويين التالية أرقامهما: 51601، 3086.
ثم اعلم أن هذه الوساوس والخواطر لا تؤثر في إيمانك، وأنك بحمد الله على ملة الإسلام ولا تخرج منها بمجرد تلك الوساوس والأمور التي ذكرت، وأن ما حصل منك لا يصدق عليه اسم الاستهزاء بالدين أصلا, فحقيقة الاستهزاء هي السخرية والاستخفاف، وليس كل ضحك أو تبسم يجري على الشخص عند رؤية أو سماع الحديث عن معظمات شرعية يعد كفرًا يخرج به صاحبه من الملة.
كما أن ما حصل منك ـ لو سلمنا أن فيه شيئا ـ فهو داخل في دائرة المعفو عنه لأنه ليس أمرا اختياريا متعمدا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه بن ماجه وصححه الألباني.
وأنت ـ كما هو بَيِّن ـ كاره لتلك الوساوس ، وغير مريد الاستهزاء بالدين، وهذا هو صريح الإيمان، فدع عنك الوساوس والأوهام، ولا تعرها أي اهتمام
والله أعلم.