الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمما يعينك على التخلص من هذا الداء المذموم، أن تستحضر أنك محاسب عن فعلك أنت، وأنك مسؤول بين يدي الله عن القليل والكثير، والفتيل والنقير والقطمير، وأن الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فتهتم لشأن نفسك، وتسعى في خلاصها وإنقاذها من هذا الهول الهائل الذي ينتظرها، قال الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ {الحشر:18}. وقال: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ {آل عمران:30}. ولست مسؤولا عن جرائم غيرك، ومعاصيهم، بل إنك ستأتي يوم القيامة وأصغر ذنب اقترفته، أعظم في عينيك من أعظم ذنب اقترفه غيرك.
وفي الزهد لأحمد: أن عيسى ابن مريم عليه السلام، أوصى الحواريين بقوله: لا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ، وَإِنَّ الْقَاسِيَ قَلْبُهُ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ، وَلَكِنَّكُمُ انْظُرُوا فِي ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ، وَالنَّاسُ رَجُلَانِ: مُعَافًى، وَمُبْتَلًى، فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ فِي بَلِيَّتِهِمْ، وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ. اهـ.
فتفكرك في ذنوبك، وعيوب نفسك، ومساوئ عملك، واستحضارك الموقف بين يدي الله غدا، وخوفك من هول المطلع، هو الذي يعينك على تلافي هذه الآفة، والتعافي منها بإذن الله.
والله أعلم.