الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستعمال الخمائر في العجن ليس بالأمر الحادث، فهو أمر قديم معروف، روى البخاري عن أبي هريرة قال: إن الناس كانوا يقولون: أكثر أبو هريرة، وإني كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطني، حتى لا آكل الخمير، ولا ألبس الحبير... إلخ.
قال العيني في عمدة القاري: قوله: الخمير ـ بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم- وهو الخبز الذي خمر وجعل في عجينه الخميرة. اهـ.
ونقل أبو عبيد القاسم بن سلام في الغريب المصنف: عن الكسائي: خَمَرْتُ العجين، وفطَرْته، وهي الخُمرة التي تُجعل في العجين، وُيسمّيه الناس الخمير. اهـ.
وجاء في مختار الصحاح: الخمير والخميرة ما يجعل في العجين، تقول: خمر العجين، أي جعل فيه الخمير. اهـ.
وقال الخليل بن أحمد في العين: الفِتاقُ: خميرة ضخمة لا يلبث العجين إذا جعلت فيه أن يدرك. اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: ما حكم الخميرة التي يفعلونها في الدقيق لتساعد على تخميره وتسهيل طبخه، فبعض الناس يقول إنها خمرة ولا يجوز استعمالها؟ فأجاب رحمه الله تعالى: أجيبهم على هذا بأنه لا بأس بوضع الخميرة في العجين لأجل أن يتخمر، لأن هذا لا يؤثر فيه شيئاً، ثم هذا الخميرة أيضاً لا أظن أنها تسكر لو أن الإنسان تناولها وأكلها، والأصل في جميع المطعومات وفي جميع المشروبات وفي جميع الملبوسات الأصل فيها الحل حتى يقوم دليل على التحريم، لقول الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة:29} فلا بأس من وضع الخميرة في العجين لأجل أن يتخمر. اهـ.
ثم إننا ننبه على أنه ليس كل ما يسمى كحولًا عند الكيميائيين يكون مسكرًا لمجرد دخوله تحت مجموعة الكحوليات، وقد سئل الشيخ عبد الرزاق عفيفي عن الروائح المحفوظة بالكحول، فقال: لا بأس به؟ ما لم تكن مسكرة، والمسكر فيها أنواع مخصصة، وهي التي تكسرها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس كل كحول مسكرًا، فقشر البرتقال فيه كحول، لكنه غير مسكر. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 101841، ورقم: 276955.
والله أعلم.