الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيمن قال: أعاهد الله على كذا ـ هل يكون يمينا، أو نذرا ويمينا، أو لا يلزمه شيء؟ وقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 135742، أن الراجح أنها تارة تكون يميناً، ونذراً، وتارة يميناً فقط، فإن التزم بها قربة، وطاعة فهي نذر ويمين، كما لو قال: أعاهد الله أن أحج هذا العام ـ وكما في قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ {التوبة: 75}.
وإن التزم بها ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر، كما لو قال: أعاهد الله ألا أكلم فلاناً ـ وإلى هذا التفصيل ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ
ففي الفتاوى الكبرى له: إذا قال أعاهدُ الله أني أحج العام، فهو نذر وعهد ويمين، وإن قال لا أكلم زيداً، فيمين وعهد لا نذر. انتهى.
وثمرة هذا التفصيل أن ما كان نذراً وأمكنه فعله، لزمه ذلك، ولم تجزه كفارة يمين، أما ما كان يميناً، فهو مخير بين أن يمضي -إن كان في غير معصية- أو يكفر كفارة يمين.
وبناء على ذلك: فإن الواجب عليك كفارة يمين إذا سألت والدتك الترجمة، وغيرها مما عاهدت الله على ترك سؤالها عنه.
وينبغي هنا أن ننبه إلى أن شأن العهد عند الله عظيم.
قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد: العهد شديد في عشرة مواضع من كتاب الله: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34]. ويتقرب إلى الله تعالى إن حلف بالعهد وحنث، ما استطاع، فإن عائشة -رضي الله عنها- أعتقت أربعين رقبة، ثم كانت تبكي حتى تبل خمارها وتقول: واعهداه. انتهى.
يعني عندما عاهدت الله ألا تكلم ابن الزبير، ثم رجعت وكفرت.
وانظر في كفارة اليمين الفتوى رقم: 26595.
والله أعلم.