الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال الذي وجدته ولا تعرف صاحبه لقطة، لكن إذا لم يكن له قيمة، ولا تتبعه نفس صاحبه، فلا يجب تعريفه، ويجوز أخذه والانتفاع به، قال الإمام ابن قدامة: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وجابر بن زيد، وطاووس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك والشافعي، وأصحاب الرأي. اهـ
وقد ذهب الإمام أحمد وبعض أهل العلم إلى أن الضابط في تحديد اليسير هو العرف، وذهب آخرون إلى تحديده بما قيمته ربع دينار أو عشرة دارهم، والراجح في المسألة عدم التحديد، لما روى أبو داود عن جابر قال: رخَّص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا، والسوط، والحبل، وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به.
ولأن التحديد والتقدير لا يعرف بالقياس، وإنما يؤخذ من نص أو إجماع، ولم يرد في ذلك شيء، وعليه، فانظر إلى ما وجدته باعتبار العرف حيث أنت، فإن كان تافها لا يؤبه له ولا يبحث عنه فاقده لتفاهته، فلك الانتفاع به دون تعريف.
والله أعلم.