الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ورد إلينا منك سؤال سابق مضمونه قريب من مضمون هذا السؤال، وقد بيّنّا لك في الإجابة عليه أنه ليس من حق الوالدين الاعتراض على زواج ابنهما من فتاة مرضية في دينها وخلقها، وأنه لا اعتبار شرعًا للفوارق المادية والاجتماعية، وأنه إذا أصر الوالدان على الرفض فطاعة الوالدين مقدمة على الزواج من امرأة بعينها إلا أن يخاف الابن على نفسه الفتنة لتعلق قلبه بها، وأحلناك على الفتوى رقم: 93194.
وبناء عليه؛ فإن لم يكن هنالك ما يسوغ للابن الإقدام على الزواج منها فإنه يكون عاقًّا بمخالفته لوالديه، ومهما أمكن الابن البر بوالديه فليفعل، فقد ييسر الله له بسبب ذلك فتاة خيرًا منها، يبارك الله له فيها، ويرزقه منها ذرية طيبة.
ولو قدر أن تزوج بغير رضاهم، وغضبوا لأجل ذلك، فعليه أن يصلهم وإن قطعوه، وأن يحسن إليهم وإن أساءوا إليه، وأن يحلم عنهم وإن جهلوا عليه، وإن لم يكن منه تقصير في حقهم فإثم القطيعة عليهم لا عليه، وتراجع الفتوى رقم: 25074.
واتهام أهل الشاب لأهل الفتاة بأنهم يحاولون تفكيك الأسرة وأنهم طامعون في مال الشاب، إن لم يكن لهم في هذا الاتهام بينة فإنهم آثمون بذلك؛ لأنه نوع من سوء الظن، والله -عز وجل- يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ... الآية {الحجرات:12}.
وسؤالك عن الحكم في حالة عدم حضور أهل الشاب الفرح أو كتب الكتاب: إن كان المقصود به أثره على صحة الزواج؛ فجوابه: أن الزواج إذا توفرت أركانه وشروطه كان زواجًا صحيحًا، وراجعها في الفتوى رقم: 1766.
والله أعلم.