الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود من كلام القرافي ـ رحمه الله ـ أنّ الخبر موضوع في اللغة للصدق دون الكذب، ولا يعني هذا أنّ من تكلم بخبر فهو صادق مطلقاً، بل قد يكون صادقاً وقد يكون كاذباً، فالكذب من جهة المتكلم لا من حيث الوضع اللغوي، فإذا قال المنافق إنه مؤمن وهو في الواقع كافر، أو قال الرجل: طلقت زوجتي وهو في الواقع لم يطلقها، فكلاهما كاذب، وقد سبق أن بينا خلاف العلماء في حكم من أخبر بطلاق زوجته كاذباً، في الفتوى رقم: 23014.
وننبه السائل إلى أنّ التكلّف في السؤال وكثرة التشقيق في المسائل أمر مذموم شرعاً وفيه إضاعة لوقت السائل والمسئول، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ واصفا حال الصحابة رضي الله عنهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات والأغلوطات وعضل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه فأجابهم.
والله أعلم.