الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب إحسان الظن بأخيك وعدم اتهامه بالسوء، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.
وأما عن حكم اصطحاب الأمرد والخلوة به، فإن للأمرد حالتين:
الأولى: أن يكون غير جميل ولا يفتن، فحكمه حكم سائر الرجال.
الثانية: أن يكون جميلاً تخشى به الفتنة، وله حالتان:
ا ـ أن يكون النظر إليه ومخالطته من غير تلذذ، فيكون حكمه حكم الحالة الأولى عند جمهور الفقهاء.
ب ـ أن يكون النظر إليه ومخالطته مع التلذذ، فحكم ذلك عندئذ التحريم، وقد نص الحنفية والشافعية على أنه كالمرأة.
فكل ما يفضي للفتنة من النظر والخلوة بالأمرد الذي تخشى منه الفتنة يجب البعد عنه، وإن لم تكن الفتنة موجودة، فلا حرج في صحبته والخلوة به، فقد قال شيخ الإسلام: والأصل أن كل ما كان سببًا للفتنة فإنه لا يجوز، فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة، ولهذا كان النظر الذي يفضي إلى الفتنة محرمًا إلا إذا كان لمصلحة راجحة مثل نظر الخاطب والطبيب وغيرهما، فإنه يباح النظر للحاجة، لكن مع عدم الشهوة، وأما النظر لغير حاجة إلى محل الفتنة، فلا يجوز. انتهى.
قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: قال: فلا يحلُّ له النظر لأجنبية، ولا لأمرد على وجه الالتذاذ، للإجماع على حرمة النظر بقصد الشهوة لغير الزوجة والأمة، قال ابن شعبان: النظر إلى الأمرد الحسن الصورة على وجه الالتذاذ كالنظر إلى الشابة، وأما النظر إليه لا بقصد الالتذاذ أو الخلوة به: فلا حرمة لمن علم السلامة، على مقتضى مذهبنا، لكنّ السلامة في ترك ذلك. اهـ.
وقال صاحب مغني المحتاج: ويحرم نظر الأمرد بشهوة بالإجماع، ولا يختص هذا الأمر بالأمرد، بل النظر إلى الملتحي وإلى النساء المحارم بشهوة حرام مطلقاً. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والنظر إلى وجه الأمرد بشهوة كالنظر إلى ذوات المحارم والمرأة الأجنبية بشهوة، سواء كانت الشهوة شهوة الوطء، أو شهوة التلذذ بالنظر، فلو نظر إلى أمه وأخته وابنته يتلذذ بالنظر كما يتلذذ بالنظر إلى وجه المرأة الأجنبية كان معلوما لكل أحد أن هذا حرام، فكذلك النظر إلى وجه الأمرد باتفاق الأئمة. اهـ.
والله أعلم.