الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي سألت عنه فيه تفصيل؛ فإن كنت تقصدين بقولك: "نطق الحروف بوضوح" إعطاء كل حرف حقه من الشدة أو الرخاوة أو القلقلة والاستعلاء والجهر والهمس... والدقة في إخراجه من مخرجه ونحو ذلك: فهذا لا شك في أن الأفضل للشخص الحرص عليه، ولا ينبغي تعمد خلافه لمن يقدر عليه.
وإن كنت تقصد نطقها على نحو يخرج به الحرف عن حقيقته؛ كأن تنطق السين صادًا أو زايًا والقاف كافًا أو غينًا ... أو أن يمد غير الممدود أو يترك المد عند محله أو يرفع في محل النصب والخفض ونحو ذلك: فهذا من اللحن، ولا يجوز تعمده، وقد اختلف العلماء في بطلان الصلاة به تبعًا لاختلافهم في وجوب أو عدم وجوب أذكار الصلاة؛ قال النووي -رحمه الله- في المجموع : فان قال من حمد الله سمع له أجزأه في تحصيل هذه السنة لانه أتى باللفظ والمعنى بخلاف ما لو قال في التكبير أكبر الله فانه لا يجزيه علي الصحيح لانه يحيل معناه بالتنكيس ، انتهى.
وقال ابن عابدين في رد المحتار: الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ إذَا لَمْ تُغَيِّرْ الْكَلِمَةَ عَنْ وَضْعِهَا وَلَمْ يَحْصُلْ بِهَا تَطْوِيلُ الْحُرُوفِ حَتَّى لَا يَصِيرُ الْحَرْفُ حَرْفَيْنِ ، بَلْ مُجَرَّدُ تَحْسِينِ الصَّوْتِ وَتَزْيِينِ الْقِرَاءَةِ لَا يَضُرُّ ، بَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. انتهى.
ولا حرج في مخالفة ما ذكر بسبب لكنة أو عجمة غلبت على لسان القارئ، ولكنه يتعين أن يجاهد نفسه حتى ينطق الحروف نطقًا فصيحًا.
وإذا أخطأ فيه القادر فعليه أن يعيده على الوجه الصحيح ما لم يؤده ذلك إلى الوسواس.
وجميع ما ذكر يشترك فيه أذكار الصلاة، وأذكار الصباح والمساء، وغير ذلك من الأذكار، غير أن ما كان خارج الصلاة لا يتصور فيه القول ببطلانها.
والله أعلم.