الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كل من كان مظهرا للإسلام، ولم يظهر النفاق ثم مات، فإن الترحم عليه مشروع، وإن كان قد وقع في البدع، حتى إن كانت البدع قد تصل إلى الكفر، فذلك لا يمنع من الترحم عليه ومعاملته معاملة المسلمين إذا لم تقم الحجة عليه، فإنه ليس كل من وقع في اعتقاد كفري يكون بذلك كافرا بعينه، وراجع الفتوى رقم: 110754، والفتوى رقم: 199721، وما أحيل عليه فيها، ولمزيد فائدة راجع الفتوى: 6742.
قال ابن تيمية: فكل مسلم لم يعلم أنه منافق جاز الاستغفار له والصلاة عليه، وإن كان فيه بدعة أو فسق... إلى أن قال: ولا يلزم إذا كان القول كفرا أن يكفر كل من قاله مع الجهل والتأويل; فإن ثبوت الكفر في حق الشخص المعين، كثبوت الوعيد في الآخرة في حقه، وذلك له شروط وموانع، كما بسطناه في موضعه، وإذا لم يكونوا في نفس الأمر كفارا لم يكونوا منافقين، فيكونون من المؤمنين، فيستغفر لهم ويترحم عليهم. وإذا قال المؤمن: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [سورة الحشر: 10] يقصد كل من سبقه من قرون الأمة بالإيمان، وإن كان قد أخطأ في تأويل تأوله فخالف السنة، أو أذنب ذنبا، فإنه من إخوانه الذين سبقوه بالإيمان، فيدخل في العموم، وإن كان من الثنتين والسبعين فرقة، فإنه ما من فرقة إلا وفيها خلق كثير ليسوا كفارا، بل مؤمنين فيهم ضلال وذنب يستحقون به الوعيد، كما يستحقه عصاة المؤمنين. والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يخرجهم من الإسلام، بل جعلهم من أمته، ولم يقل: إنهم يخلدون في النار، فهذا أصل عظيم ينبغي مراعاته. اهـ. من منهاج السنة .
وقال أيضا: وكل من لم يعلم منه النفاق وهو مسلم يجوز الاستغفار له، والصلاة عليه، بل يشرع ذلك، ويؤمر به، كما قال تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} [محمد: 19] وكل من أظهر الكبائر فإنه تسوغ عقوبته بالهجر وغيره، حتى ممن في هجره مصلحة له راجحة فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان. اهـ. من الفتاوى الكبرى .
فترحمك على جدك وزوج عمتك مشروع، وما كان عندهم من مخالفات لا يمنع من الترحم عليهم، وكذلك الثناء عليهم بما عندهم من خير وإحسان لا حرج فيه.
والله أعلم.