الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس معنى هذا الحديث أنه لا يدعو لأبيه إلا الولد الصالح، وإنما فيه أن الولد الصالح، هو من عمل أبيه الذي لا ينقطع بموته.
قال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله- في شرح سنن أبي داود عند قوله:(أو ولد صالح يدعو له): وخص من الأولاد الولد الصالح؛ لأن هذا هو مظنة الدعاء، وهو الذي ينفع نفسه، وينفع غيره، أما إذا كان فاسداً فلن ينفع نفسه، ولا غيره، ولا أصله؛ لأنه منصرف عن الدعاء بالكلية. انتهى.
ومعلوم أن الولد الفاسق قد يدعو لوالده، كما هو مشاهد في الناس، ومع ذلك لا يستدل بدعائه لوالده على صلاحه.
والدعاء للوالدين هو من العمل الصالح، ومعلوم أنه لا يوصف العبد بأنه صالح بمجرد القيام ببعض الأعمال الصالحة دون بعض، أو قيامه بها قليلا أو نادرا، بل لا بد أن يكون الأغلب عليه قيامه بالأعمال الصالحة.
فكذلك الأمر هنا لا يحكم بمجرد الدعاء للوالدين على صلاح العبد حتى ننظر في بقية أعماله، وإن شئت قلت إن دعاءه لوالديه مظنة صلاحه.
والله أعلم.