الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان إشكال السائل في مجرد مس هذا الكافر لرابطة المفاتيح (الميدالية) المكتوب عليها لفظ الجلالة، فهذا لا حرج فيه إن شاء الله، فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم كتابا إلى هرقل وهو كافر، فكان فيه البسملة، وآية من كتاب الله تعالى، ولفظه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي في شرح مسلم: في هذا الكتاب جمل من القواعد، وأنواع من الفوائد ...
منها: استحباب تصدير الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم، وإن كان المبعوث إليه كافرا ...
ومنها: أنه يجوز أن يسافر إلى أرض العدو بالآية، والآيتين ونحوهما، وأن يبعث بذلك إلى الكفار ...
ومنها: أنه يجوز للمحدث، والكافر مس آية أو آيات يسيرة مع غير القرآن .. اهـ.
ويتأكد هذا في حق من يعرف عنه أنه يعظم الله تعالى.
وقد نقل سليمان الجمل في حاشيته على شرح المنهج، عن أستاذه الشمس الحفناوي أنه أجاز للمسلم إذا استفتاه ذمي، أن يكتب له في الجواب لفظ الجلالة، وعلل ذلك بقوله: لأنهم يعظمون الله تعالى. اهـ.
وأما إن كان إشكال السائل في كون هذه الرابطة تتعرض بحملها، واستعمالها للامتهان، فهذا أيضا حاصل في حق المسلم. ولذلك سبق أن نبهنا على أنه لا ينبغي تعليق ما فيه ذكر الله تعالى، واستعماله ميدالية للمفاتيح أو غيرها؛ لما قد يعرض الذكر المكتوب للسقوط، أو أن تعلق به الأوساخ والتراب، ويدخل به بيت الخلاء.
وسئل الشيخ ابن عثيمين: من كان في ميداليته شيء من ذكر الله، فهل له الدخول بها للخلاء مع إمكانه تغييرها، وهل يقال له: غيّرها؟
فأجاب: لا بأس بذلك، ولا يقال له: غيرها، وإنما يقال له: تجنَّب ذلك. اهـ.
والذي نراه للأخ السائل أن ينشغل بدعوة زميله للإسلام، وبيان محاسنه، ولاسيما في جانب الاعتقاد والأخلاق. فإن هذا هو الذي ينجيه وينفعه، ويحمله على تعظيم اسم الله تعالى، وصيانته عما لا ينبغي.
والله أعلم.