الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤى لا يجوز تعبيرها من دون علم بذلك، وفي الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي قال: وَلَا يَجُوزُ تَعْبِيرُ الرؤيا بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ يَكْشِفُ نَحْوَ ابْنِ سِيرِينَ عِنْدَمَا يُقَالُ لَهُ أَنَا رَأَيْت كَذَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِأُصُولِ التَّعْبِيرِ فَهَذَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ وَأَوْصَافِ الرَّائِينَ؛ فَعِلْمُهَا عوِيصٌ يَحْتَاجُ إلَى مَزِيدِ مَعْرِفَةٍ بِالْمُنَاسَبَاتِ، وَلِذَلِكَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ سِيرِينَ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَنَا رَأَيْت نَفْسِي أُؤَذِّنُ فِي النَّوْمِ. فَقَالَ لَهُ: تَسْرِقُ وَتُقْطَعُ يَدُك. وَسَأَلَهُ آخَرُ وَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ، فَقَالَ لَهُ: تَحُجُّ. فَوَجَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا فُسِّرَ لَهُ بِهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: رَأَيْت هَذَا بِسِمَةٍ حَسَنَةٍ وَالْآخَرُ بِسِمَةٍ قَبِيحَةٍ، وَلَا تَخْرُجُ الرُّؤْيَا عَنْ مَعْنَاهَا وَلَوْ فُسِّرَتْ بِغَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ.
ولا يعتمد على الكتب في تعبير الرؤى، ولا يجوز تفسيرها بها؛ فقد قال الدردير في الشرح الصغير: والعلم بتفسير الرؤيا ليس من كتب، كما يقع للناس من التفسير من ابن سيرين، فيحرم تفسيرها بما فيه، بل يكون بفهم الأحوال والأوقات وفراسة وعلم بالمعاني. اهـ.
قال الصاوي في حاشيته على الشرح المذكور: فيحرم تفسيرها بما فيه... أي: إن لم ينضم لذلك بصيرة من المعبر؛ لأن ما في ابن سيرين وابن شاهين صحيح قطعًا، لكن لا تتحد الناس فيه، بل يختلف بحسب أحوال الناس وأزمانهم وأشغالهم ...
والله أعلم.