الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا المفزعة المحزنة سببها هو الشيطان، ليحزن بها المؤمن، وعلى العبد أن يبقى متوكلا على الله تعالى في جميع أحواله، وأن يستعيذ به من الشر كله، وأن يواظب على الدعاء ولا يتأثر بحال هذه الأحلام المفزعة، وينبغي سترها والاشتغال بالتعوذ بالله، وما تيسر من الصلاة، كما ورد في الحديث، وقد اشتكى الصالحون قبلنا من بعض الرؤى المزعجة حتى كان أحدهم يمرض من هول ما رأى حتى سمعوا العلاج النبوي واستعملوه، فزال عنهم ما كانوا يجدون فعن عبد ربه سعيد قال: سمعت أبا سلمة يقول: لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت لأرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الحسنة من الله. وفي رواية: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً، فإنها لن تضره. رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم.
وفي روايته قول أبي قتادة رضي الله عنه: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل، فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليه.
وفي رواية: إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره. رواه البخاري.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئاً فلينفث عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره، ولا يخبر بها أحداً، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر بها ولا يخبر إلا من يحب. متفق عليه.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاث: حديث النفس، وتخويف الشيطان وبشرى من الله، فمن رأى شيئاً يكرهه، فلا يقصه على أحد وليقم فليصل.
وجاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري عند شرحه لهذا الحديث:.... أي الرؤيا الغير الصالحة أي الكاذبة أو السيئة، وإنما نسبت إلى الشيطان، لأن الرؤيا الكاذبة يريد بها الشيطان أن يسيء ظنه ويحزنه ويقل حظه من شكر الله ولهذا أمره بالبصق عن يساره. انتهى بتصرف.
وفيه أيضا: والرؤيا المكروهة هي التي تكون عن حديث النفس وشهواتها، وكذلك رؤيا التهويل والتخويف يدخله الشيطان على الإنسان ليشوش عليه في اليقظة، وهذا النوع هو المأمور بالاستعاذة منه، لأنه من تخيلاته، فإذا فعل المأمور به صادقا أذهب الله عنه ما أصابه من ذلك. انتهى.
والله أعلم.