الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعملية المذكورة ربوية بلا شك، لأن حقيقتها أن أباك يدفع مبلغ 5000 شهريا مقابل الدين الذي عليه، وهذا مثل ما كان يقول أهل الجاهلية للمدين: إما أن تقضي، وإما أن تربي ـ وقد جاء القرآن بإبطال هذا النوع من الربا، وإعلان الحرب من الله ورسوله على المتعاملين به، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ {البقرة:278ـ279}.
أما الرهن فيها: فوجوده كعدمه، وما هو إلا حيلة ووسيلة للتغطية على الربا الحاصل، لكن هذا لا يترتب عليه أن أموال أبيك أصبحت حراما عليك وعلى إخوتك، ولا يجوز لك الانتفاع منها، فلا تأثير لما ذكرت في جواز انتفاعك وإخوانك من أموال أبيك، ومبلغ القرض الذي اقترضه والدك لا يحرم التعامل معه فيه، لأن الحرام يتعلق بذمته لا بالمال ذاته.
وأما بخصوص عمله في الشركة المذكورة: فإن كان في مجال مباح ليس فيه حرام ولا إعانة عليه، فلا شيء فيه، وإلا فإنه حرام، وقد يترتب على ذلك حرمة الراتب، وقد لا تترتب عليه بحسب انفكاك جهة الحرمة عن العمل أو عدم انفكاكها.
وعلى أية حال، فإن كان مال أبيكم مختلطا بعضه حرام وبعضه حلال، فجائز لكم الانتفاع به مطلقا، وإن كان كله حراما لم يجز ذلك إلا إذا احتجتم إليه احتياجاً ضرورياً كاحتياج الفقير والمسكين، فلكم ـ حينئذ ـ أن تأخذوا منه بقدر حاجتكم ولا تزيدون عليها، قال النووي في المجموع: وإذا دفعه ـ المال الحرام ـ إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير، بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضاً فقير. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 6880.
والله أعلم.