الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أدلة كثيرة تبين أن أبانا آدم -عليه السلام- هو أول إنسان خلقه الله تبارك وتعالى، ومنه خلق أمّنا حواء -عليها السلام-، ومنهما -آدم وحواء- خلق البشرية كلها، وهذا من المسلمات التي لا شك فيها؛ فقد قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا {الأعراف:189}، وقال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً" {النساء: من الآية 1}، وقال تعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا {الزمر:6}.
قال أهل التفسير: خلقكم من شخص واحد هو آدم وخلق منه أمكم حواء -عليهما السلام-.
وقال تعالى عن خلق آدم -عليه السلام-: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً {البقرة:30}. قال أهل التفسير: تضمنت هذه الآية حكاية محاورة بين الله -سبحانه وتعالى- والملائكة في صدد خلق آدم أول إنسان خلقه الله تعالى.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير عند تفسير هذه الآية: "أَيْ: جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ مُدَبِّرًا يَعْمَلُ مَا نُرِيدُهُ فِي الْأَرْضِ ... فَإِنَّ تَعْقِيبَ ذِكْرِ خَلْقِ الْأَرْضِ ثُمَّ السَّمَاوَاتِ بِذِكْرِ إِرَادَتِهِ تَعَالَى جَعْلَ الْخَلِيفَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَعْلَ الْخَلِيفَةِ كَانَ أَوَّلَ الْأَحْوَالِ عَلَى الْأَرْضِ بَعْدَ خَلْقِهَا".
وقال الشعراوي في تفسيره: فتكلم الله -سبحانه وتعالى- عن أول البشر وأول الأنبياء وهو آدم -عليه السلام-...
ومن السنة ما جاء في صحيح البخاري: "أن الخلائق يأتون آدم يوم القيامة يطلبون منه الشفاعة ويقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا؟. وقال صلى الله عليه وسلم: "الناس من آدم، وآدم من تراب". رواه أحمد، وغيره، وحسنه الأرناؤوط.
والله أعلم.