الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن خطب امرأة، ثم زوج بغيرها، فالنكاح باطل، ففي الموسوعة الفقهية: إذا خطب الرجل امرأة بعينها فأجيب إلى ذلك ثم أوجب له النكاح في غيرها وهو يعتقد أنها التي خطبها فقبل فلا ينعقد النكاح لأن القبول انصرف إلى غير من وجد الإيجاب فيه وإلى هذا ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. انتهى.
ولابن قدامة الحنبلي كلام نفيس في هذه المسألة نسوقه بطوله لفائدته قال رحمه الله: مسألة: قال: ومن خطب امرأة فزوج بغيرها، لم ينعقد النكاح، معنى ذلك أن يخطب الرجل امرأة بعينها، فيجاب إلى ذلك، ثم يوجب له النكاح في غيرها، وهو يعتقد أنها التي خطبها، فيقبل، فلا ينعقد النكاح، لأن القبول انصرف إلى غير من وجد الإيجاب فيه، فلم يصح.
قال أحمد: في رجل خطب جارته، فزوجوه أختها، ثم علم بعد: يفرق بينهما، ويكون الصداق على وليها، لأنه غره، ويجهز إليه أختها التي خطبها بالصداق الأول، فإن كانت تلك قد ولدت منه، يلحق به الولد.
وقوله: يجهز إليه أختها يعني -و الله أعلم- بعقد جديد، بعد انقضاء عدة هذه إن كان أصابها، لأن العقد الذي عقده لم يصح في واحدة منهما، لأن الإيجاب صدر في إحداهما، والقبول في الأخرى، فلم ينعقد في هذه ولا في تلك فإن اتفقوا على تجديد عقد في إحداهما أيتهما كان، جاز، وقال أحمد: في رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه أختها، لها المهر بما أصاب منها، ولأختها المهر: قيل: يلزمه مهران؟ قال: نعم، ويرجع على وليها، هذه مثل التي بها برص أو جذام، علي يقول: ليس عليه غرم وهذا ينبغي أن يكون في امرأة جاهلة بالحال أو بالتحريم.
أما إذا علمت أنها ليست زوجة، وأنها محرمة عليه، وأمكنته من نفسها، فلا ينبغي أن يجب لها صداق، لأنها زانية مطاوعة، فأما إن جهلت الحال فلها المهر، ويرجع به على من غره، وروي عن علي رضي الله عنه في رجلين تزوجا امرأتين، فزفت كل امرأة إلى زوج الأخرى، لهما الصداق، ويعتزل كل واحد منهما امرأته حتى تنقضي عدتها، وبه قال النخعي والشافعي، وإسحاق وأصحاب الرأي. انتهى.
والله أعلم.