الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة والصيام ركنان أساسيان من أعظم أركان الإسلام، كما هو معلوم عند المسلم بالضرورة، والصلاة أولى بالمحافظة عليها، ومرتبتها في الدين فوق مرتبة الصوم، فهي عمود الدين؛ من أقامها أقام الدين، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
لكن لا تأثير على صحة صوم من أخل بشرط من شروطها -كمن صلى بغير وضوء- إلا أن بعض أهل العلم قال بكفر من صلى محدثًا متعمدًا بلا عذر؛ لاستهزائه بتلك الفريضة، وعلى القول بكفره؛ فإن صومه يفسد كسائر عباداته، لكن جمهور أهل العلم على أن من صلى بغير طهارة عالمًا متعمدًا قد أذنب ذنبًا عظيمًا وأساء إساءة بليغة، ولا يكفر بذلك، وهذا القول هو المفتى به عندنا؛ قال النووي في شرح مسلم: "وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ... وَلَوْ صَلَّى مُحْدِثًا مُتَعَمِّدًا بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَلَا يَكْفُرُ عِنْدنَا وَعِنْدَ الْجَمَاهِيرِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يَكْفُرُ لِتَلَاعُبِهِ، وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْكُفْرَ لِلِاعْتِقَادِ وَهَذَا الْمُصَلِّي اعْتِقَادُهُ صَحِيحٌ".
وعلى هذا؛ فإن الذي عليك بعد التوبة هو قضاء ما عليك من الصلوات فقط؛ لأن صومك صحيح ولا يحتاج إلى قضاء -إن شاء الله تعالى-، نسأل الله أن يتوب عليك ويتقبل طاعتك.
والله أعلم.