الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى عورة الغير ـ عدا الزوجة ـ لا يجوز مطلقاً، روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة. وقد ترجم له النووي في شرحه على مسلم بقوله: باب تحريم النظر إلى العورات.
وإذا كان هذا في نظر الرجل إلى عورة الرجل، ونظر المرأة إلى عورة المرأة، فكيف بنظر الرجل إلى عورة المرأة، وكيف إذا كانت المرأة إحدى محارم الناظر، فلا شك أن ذلك أعظم إثماً، وفيه انتكاس للفطرة، ومنافاة للأخلاق والطباع السوية، ثم إن مجرد النظر بشهوة لغير الزوجة حرام، ولو لما دون العورة، قال الشربيني: أما النظر بشهوة فحرام قطعا لكل منظور إليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته. اهـ
وقال ابن تيمية: كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِشَهْوَةِ. اهـ
وبالتالي فعلى الأخ المذكور أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل، وأن يكثر من الاستغفار والدعاء لأخته تحللا من حقها، ولا يشترط لصحة توبته ـ على الراجح ـ إخبارها بحقيقة ما قصد من نظره إليها، أو طلب العفو منها، لما قد يترتب على ذلك من مفسدة أعظم، وقد سبق أن بينا هذا في الفتوى رقم: 18180، فإذا صحت توبته وصدقت فإن الله تعالى يقبلها، وسيذهب ما في نفس أخته تدريجيا إن شاء الله تعالى خاصة إذا تاب توبة صادقة ولم يعد لما حصل منه مرة ثانية.
ثم ليعلم هذا الأخ أن الله كريم رحيم يقبل التوبة من عباده ويسامحهم بمنه وكرمه، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، فليبادر إلى التوبة وليحذر من اليأس والقنوط من رحمة الله، فإن ذلك ذنب آخر يحتاج إلى توبة، قال تعالى: حكاية عن إبراهيم عليه السلام: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}،
ولا يترتب على ما حصل منه شيء آخر غير ما ذكرنا من التوبة الصادقة المستوفية للشروط ، وراجع الفتوى رقم: 78925.
والله أعلم.