الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشأن بر الوالدين عظيم وخطره جسيم، وقد جعل الله تعالى بر الوالدين ورعاية حقهما تالياً للأمر بعبوديته وحده في غير ما موضع من كتابه، وناهيك بهذا شرفاً، قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}.
وليس من شك أن مساعدة البنت لوالدتها في الأعمال المنزلية، أو في غير ذلك من حاجاتها من البر بها، وإنما تجب عليها إذا كانت الأم محتاجة إلى ذلك، كما هو الحال مع أمك، فقد جاء في الموسوعة الفقهية: أما خدمة الولد لوالده فجائز بلا خلاف، بل إن ذلك من البر المأمور به شرعا، ويكون واجبا على الولد خدمة أو إخدام والده عند الحاجة. انتهى.
وفي غذاء الألباب للسفاريني: ومن حقوقهما خدمتهما إذا احتاجا أو أحدهما إلى خدمة. انتهى.
بل إن من أقبح عقوق الأمهات ترك البنات أمهاتهن يتحملن أعباء الأعمال المنزلية وحدهن، والبنات قادرات على مساعدتهن.
فيجب عليك مساعدة أمك إذا احتاجت إلى مساعدتك، ولم يكن عليك ضرر في ذلك، وسواء طلبت منك المساعدة أو لم تطلب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الفتاوى الكبرى: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. انتهى.
وراجعي في خطورة عقوق الوالدين في الفتوى رقم: 5327، والفتوى رقم: 11649.
والأفضل لك أن تقنعي والدتك ـ برفق ـ بإحضار من تعينها على أعمال المنزل، ولو في بعض الأوقات التي تكثر فيها المشاغل أو الأعباء.
والله أعلم.