الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإن كان الأولاد لم يحوزوا ما وزعه أو كتبه لهم أبوهم حتى مات، فإنه لا عبرة بتلك الكتابةِ والتوزيعِ، ويُعتبر كل ما كتبه لهم تركةً تُقسم بين جميع الورثة القسمة الشرعية بمن فيهم زوجته، وأما إن كان الأولاد حازوا ما وزعه أو كتبه لهم أبوهم حازوه في حياته وصاروا يتصرفون فيه تصرف المالك، فهذه تعتبر هبة، ولن يخلو حالها من أحد احتمالين:
أولهما: أن يكون وهبهم أملاكه في مرض مخوف، وهو المرض الذي يغلب على صاحبه الهلاك، وفي هذه الحال لا عبرة بتلك الهبة، لأنها ما دامت حصلت في المرض المخوف فهي وصية, قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا. اهـ.
قال ابن قدامة في المغني: وَحُكْمُ الْعَطَايَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَقِفَ نُفُوذُهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ، إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ.... اهــ.
وإذا كانت في حكم الوصية، فإنها لا تصح لأولاده، لكونهم وارثين، فإذا لم ترض زوجته بإمضاء الوصية فلها الحق في أخذ نصيبها من كل الأملاك إرثا، فتأخذ الثمن لوجود الفرع الوارث.
الاحتمال الثاني: أن يكون وهبهم الأملاك في غير مرض مخوف، فهذه هبة قد تمت في حياة الواهب بالحيازة وخرجت عن كونها ملكا له، فلا تدخل في الميراث، ولا شيء لزوجته من تلك الأملاك.
وإذا كانت زوجته فقيرة، فإن نفقتها تجب على أولادها الموسرين، وانظر الفتويين رقم: 121878، ورقم: 170967، وكلاهما عن الوصية للوارث، والفتوى رقم: 250489، حول مسائل في إنفاق الأولاد على أمهم، والفتوى رقم: 216409، عن أحوال تقسيم الأب بيته بين ورثته في حياته، ومثلها الفتوى رقم: 223708، عن شروط نفاذ الهبة بين الأولاد قبل الموت، وكيفيتها.
والله أعلم.